responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 389
المسلك الثاني: مسلك التأويل. والمراد به: حمل اللفظ على خلاف ظاهره إلى معنى آخر مراد [1] فعلى هذا يجتمع التفويض والتأويل عند الأشاعرة في صرف الظاهر، ويفترقان في أن التأويل يتم فيه تحديد المعنى المراد، وأما التفويض فلا يتم فيه هذا التحديد وإنما يفوض علمه إلى الله تعالى، فعلى هذا فهو تأويل إجمالي، والأول تفصيلي. ثم إن الأشاعرة وصفوا طريقة التأويل – وهي طريقة المتأخرون – بأنها أعلم وأحكم" لما فيها من مزيد الإيضاح والرد على الخصوم وهي الأرجح، وأما طريقة السلف وهي التفويض فأسلم لما فيها من السلامة من تعيين معنى قد يكون غير مراد له تعالى" [2].
والموجب لتأويل النصوص عندهم هو أنها تشعر وتوهم إثبات الجهة أو الجسمية أو الصورة أو الجوارح – فلذلك يوردون على أهل السنة إيرادين:
الأول: يبينون فيه أن تلك النصوص موهمة للتشبيه فوجب تأويلها. الثاني: وهو مسلك إلزام وهو كما قال الجويني: "ومما يجب الاعتناء به معارضة الحشوية بآيات يوافقون على تأويلها، حتى إذا سلكوا مسلك التأويل عورضوا بذلك السبيل فيما فيه التنازع" [3] اهـ.
والجواب عن ذلك هو:
إن الإيراد الأول لا حاجة إلى الرد عليه هنا، إذ الموجب لهذا التأويل قد تقدمت الإجابة عليه مع العلم بأن النصوص التي أولوها هي إما نص وإما ظاهر راجح – وكلاهما لا يحتمل التأويل باتفاق – ولكنهم يتكلفونه تكلفاً يصيره تحريفاً لا تأويلاً سائغاً.
وأما الإيراد الثاني: وهو الإلزام والمعارضة، فلم تتقدم إجابة عليه، فلزم ذكره والجواب عنه. وقد ذكروا فيما وقفت عليه: المثال الأول: قال الجويني: "فمما يعارضون به قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد: [4]] فإن راموا إجراء ذلك على الظاهر حلوا عقد إصرارهم في جمل الاستواء على العرش على كون عليه، والتزموا فضائح لا يبوء بها عاقل، وإن حملوا قوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد: [4]] وقوله: مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ [المجادلة: 7] على الإحاطة بالخفيات فقد تسوغوا التأويل" [4].
يفهم من كلام الجويني – في إلزامه القائلين بظاهر الآية – أنه فهم من المعية ما ينافي الاستواء ويقتضي المخالطة والحلول. والجواب من أوجه:
الوجه الأول: لا يلزم من إثبات المعية الحقيقية أن يكون الله مختلطاً بخلقه وذلك: أن الله تعالى جمع بين الاستواء والمعية في آية واحدة فقال: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد: [4]] فوجب التصديق بخبر الله تعالى، ويوضحه:

[1] انظر: ((تحفة المريد)) (ص: 91).
[2] ((تحفة المريد)) (ص: 91).
[3] ((الإرشاد)) (ص: 150).
[4] ((الإرشاد للجويني)) (150).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست