responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 370
المطلب الثالث: الأدلة النقلية ومنزلتها من الاستدلال
التفريق بين الأدلة النقلية:
يفرق الأشاعرة بين ما يجوز الاستدلال به من الأدلة النقلية السمعية وما لا يجوز، فإن ما يستدل له بالأدلة النقلية ينقسم قسمين: قسم يجوز أن يحتج له بالأدلة النقلية المتواترة والآحادية، وهذا في الأسماء الحسنى فإنهم عدوها توقيفية، "ويتوقف جواز إطلاقها عليه تعالى على ورودها في كتاب أو سنة صحيحة أو حسنة أو إجماع – لأنه غير خارج عنها" [1] وقسم يحتج له بالأدلة القطعية وهي الكتاب والسنة المتواترة على سبيل التأكيد للدليل العقلي – وذلك في صفات: الحياة والقدرة والإرادة والعلم – على خلاف بينهم في صفة الكلام [2]، ولا يحتج بدليل السنة الآحادي مطلقاً في باب العقيدة كلها – ما عدا ما تقدم في الأسماء الحسنى -. قال الرازي: "أما التمسك بخبر الواحد في معرفة الله تعالى فغير جائز" [3].وما ذكروه من صحة الاحتجاج بالأدلة السمعية كلها على الأسماء الحسنى فكلام صحيح. وأما كلامهم بأن بعض الصفات لا يحتج لها بالأدلة السمعية فمبني على أن الأدلة السمعية خبرية فقط لا تشتمل على الأدلة والبراهين العقلية، وهذا خطأ قد مضى بيانه وتقويمه. وأما ردهم للاحتجاج بخبر الآحاد فخطأ، ترده الأدلة المذكورة في فصل أهل السنة والجماعة [4]. وأما شبهاتهم التي أوردوها فإنه قد ذكر الرازي خمسة أوجه قاضية بإفادة خبر الواحد الظن لا العلم – وسأذكرها واحدة واحدة مع المناقشة إن شاء الله تعالى: الوجه الأول/ ذكر الرازي: أن أخبار الآحاد: مظنونة للإجماع على عدم عصمة الرواة فيتحمل عليهم إذاً الخطأ والكذب، فيكون صدقهم مظنوناً لا معلوماً – وما كان كذلك فلا يجوز التمسك به لقول الله تعالى: إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [يونس: 36]، وقوله: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء: 36] إلى آخره ما ذكره [5].
والجواب:
إن ما ذكره الرازي من الجواز العقلي القاضي بجواز الكذب والخطأ على الرواة – كلام كلي لم يستثن فيه الرازي الصحابة، وهذا خطأ فاحش إذ قد أجمع المسلمون - عدا الروافض والخوارج – على عدالة جميع الصحابة وصدقهم، أما احتمال الخطأ منهم فوارد، ولكن قد علم حرص الصحابة وتوقيهم للرواية، أفيقال بعد هذا كله ما قاله الرازي فيهم؟
ثم إنه لو فرض أن أحدهم أخطأ في حديث، فهل يجوز لبقية الصحابة أن يسكت عنه؟ هذا محال. وهكذا يقال في عصور الرواية الأخرى.
ثم إنه يقال للرازي: إن كل الأئمة الذين لهم خبرة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأمضوا أكثر أعمارهم فيه جزموا بصحة كثير من الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة أحاديث الصفات، فإنه إذا سلم للرازي كلامه هذا في بعض الأخبار، فإنه لا يسلم له ذلك في أحاديث الصفات التي هي إما متواترة أو مشهورة متلقاة بالقبول كما مر.

[1] ((تحفة المريد)) (ص: 90).
[2] أشار إلى هذا الغزالي في كتابه: ((الاقتصاد)) (ص: 102) بقوله: "ونفس الكلام فيما اخترناه لا يمكن إثباته بالشرع" والمتأخرون يعدون الكلام من الصفات السمعية.
[3] ((أساس التقديس)) للرازي (ص: 168).
[4] انظر ((الرد على من أنكر الحرف والصوت)) للسجزي (ص: 185 - 191).
[5] انظر ((أساس التقديس)) (ص: 168).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست