responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 365
وإن أريد أنه مركب من أجزاء، والمركب مفتقر إلى جزئه كالأبدان أو غير ذلك من المعاني الدالة على النقص، فلا يجوز إثباته لله تعالى لا معنى ولا لفظاً [1].وليعلم أنه لا مانع من التزام القول بأنه يشار إليه، وقد أشار إليه نبي الهدى صلى الله عليه وسلم لما وعظ الناس في حجة الوداع فقال لهم بعد الوعظ: ((فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس، اللهم اشهد اللهم اشهد)) [2]. ثلاث مرات – وأشار إليه كذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه – كما تقدم النقل عنه.
وأما اللوازم التي ذكروها من أن إثبات الاستواء له يقتضي أن يكون في مكان – وقد تقدم الرد عليه – وأن ما كان له مكان لزمه أحد ثلاثة أمور: إما أن يكون أكبر منه أو أصغر أو مساوياً، فجوابه: إن القول بأنه يكون أصغر أو مساوياً قول باطل، وأما كونه أكبر فهذا نلتزمه فالله أكبر من كل شيء ذاتاً وعظمة وجلالاً وكمالاً، ولا ندخل في ذلك متوهمين بآرائنا ولا مكيفين ولا محددين. مع ملاحظة أنهم استخدموا للتوصل إلى هذا الإلزام قياساً شموليا وهو لا يجوز استعماله في المطالب الإلهية [3].وأما القول بأنه لو كان مستوياً على العرش لكان محتاجاً إليه فخطأ أيضاً لأن هذا مبني على قياس الخالق على المخلوق فإن القائس توهم حاجة الباري إلى العرش كاحتياج المستوي على الفلك والأنعام إليها، هذا باطل فإن الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] فكما أخبر أن له قدرة وعلماً وسمعاً وبصراً ولم يلزم من إثباتها للخالق أن تكون مماثلة لما للخلق، فكذلك لا يلزم في الاستواء فالله هو الغني عن الخلق وهو الخالق للعش ولغيره فكل ما سواه مفتر إليه [4].
ومن الألفاظ التي ذكرها الأشاعرة في صور المماثلة للحوادث: لفظ الصورة والغرض، والجوهر، والعرض:
أما لفظ الصورة فمما يحتمل معنى صحيحاً ويحتمل معاني باطلة: أما المعنى الصحيح فإن الصورة في اللغة بمعنى: الصفة [5] ولا شك في أن الله جل وعلا صفة وكيفية يعلمها هو، ومما ورد في إثباتها: الحديث الطويل في الموقف يوم القيامة وفيه: ((فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون)) [6]. وأما المعاني الباطلة للصورة: فكالشيء المنطبع على الأوراق ونحوها كما في التصوير المسمى (بالفوتوغرافي) وكالشيء المنعكس من الجسم المصقول كالمرآة، فهذه كلها معاني باطلة لا يجوز إثباتها لله تعالى، فإن الله ليس بصورة وإنما هو حي قائم بنفسه، وهو له سبحانه صورة بمعنى الصفة والكيفية التي اختص بعلمها وكمالها. والله أعلم.
وأما نفي الغرض فيريدون منه نفي الحكمة عن الله، وقد تقدم بحث إثبات الحكمة، والمنع من إطلاق لفظ الغرض، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. وأما لفظ الجوهر والعرض فلفظان مجملان كذلك؛ فإن أريد بالجوهر: الجوهر الفرد، ثم الزعم بأن الأجسام كلها متركبة من الجواهر المفردة، وهذا يقتضي تماثلها، فهذا المعنى باطل لأن الله ليس كمثله شيء، وإن أريد بالجوهر: المتحيز وهو بمعنى الجسم في اصطلاحهم، فإنه قد تقدم تفصيل لفظي التحيز والجسم وإن أريد بالجوهر: ما هو قائم بنفسه بشرط كونه لا يماثله شيء في ذلك، فهذا المعنى لا ينفي عن الله مع المطالبة بالألفاظ الشرعية كالقيوم [7].وأما لفظ العرض فإن أريد به الصفات التي يتصف بها فإنه لا ينفي هذا اللفظ، وإن كان إطلاقه لا يخلو من محذور لأنه في اللغة إذا قيل: عرض فالمراد ما يعرض من الأمراض ومنه الناقة العارضة [8]، وإن أريد بالعرض ما يقوم بغيره ثم قيل: الله ليس بعرض، فهذا النفي صحيح لأن الله قائم بنفسه وليس قائماً بغيره ولكن الملاحظ أن الذين ينفون الصفات يطلقون عليها أعراضاً، فيتوصلون بنفي العرض ما ثبت بالكتاب والسنة من صفات الله، فلذا وجب استفصالهم فيها [9]. والله أعلم.
¤منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله لخالد عبد اللطيف - [2]/ 545

[1] انظر ((تفسير سورة الإخلاص)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: 127) و ((التدمرية)) له (ص: 35).
[2] رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله.
[3] انظر، ((نقض الدارمي على بشر المريسي)) (ص:85)، و ((بيان تلبيس الجهمية)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 156 - 160).
[4] انظر: ((التدمرية) (ص: 81 - 83).
[5] انظر: ((القاموس المحيط)) (ص: 548). مادة: (صور).
[6] رواه البخاري (7437) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[7] انظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) (4/ 150، 164، 184).
[8] انظر: ((القاموس المحيط)) (ص: 832). مادة: (عرض).
[9] انظر: ((مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية)) (6/ 90 - 91).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 365
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست