responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 333
الجواب: لا يلزم إذا قلنا إن صوت الباري وحروفه غير مخلوقة أن تكون كل الأصوات والحروف غير مخلوقة، لأن الصوت الذي يحصل به إنشاء الكلام ليس مثل الصوت الذي يحصل به أداؤه وتبليغه – يوضحه الآتي: لو أن شخصاً أنشد شعراً لأحد فحول الشعراء كلبيد مثلاً: فإنه يقال: إن الشعر شعر لبيد، الذي تكلم به بصوته، إلا أن هذا الشخص أداه بصوته، وهو فعله، وليس صوت هذا الشخص هو صوت لبيد وهذا معلوم ضرورة – فإذا علم هذا الفرق بين المخلوقين، فأولى أن يكون هذا الفرق بين الخالق والمخلوق ثابتاً، وما قيل في الصوت يقال في الحرف [1].ولا يجوز إطلاق القول بأن الحروف قديمة، ذلك لأن الحروف صفة للكلام، فهي وإن كانت واحدة بالنوع إلا أن أعيانها ليست كذلك، والكلام إذا أطلق لا يكون إلا بحرف وصوت، فكلام الله ما قام به وهو ليس مخلوقاً، ففي هذه الحالة لا تكون الحروف مخلوقة. وأما كلام الخلق فهو ما قام بهم وهو مخلوق، إذ هو صفة لهم فحروفهم وأصواتهم إذاً مخلوقة [2].وأما قولهم إن المصحف مكتوب بحروف حادثة وإذا قرئ فبصوت حادث فيلزم أن يكون ما في المصحف ليس كلاماً لله فجوابه: إن الحروف تطلق ويراد بها الصوت المقطع، وقد يراد بها المداد أو شكله [3].
ولا شك أن المداد مخلوق وشكله كذلك إذ هو فعل الإنسان، ولكن لا يلزم من هذا أن يكون ما في المصحف ليس كلاماً لله – يوضحه: أن الأشياء إما أعيان قائمة بذاتها، أو أشياء قائمة بالأعيان، فالأشياء القائمة بنفسها – وهي الأعيان كالسماء – لها أربع مراتب: وجودها الخارجي بنفسها، ووجودها الذهني، ووجودها اللفظي اللساني، ووجودها الرسمي الكتابي، ولاشك أن كل مرتبة تختلف عن الأخرى. أما الأشياء التي لا تكون قائمة بنفسها وإنما تقوم بغيرها – فهذه قد تكون لها المراتب الأربع المذكورة سابقاً كالألوان، وقد تكون لها ثلاث مراتب فقط كالكلام فله وجود خارجي: وهو ما قام باللسان، ووجود ذهني هو ما قام بالقلب، ووجود رسمي هو ما ظهر بالكتابة [4].وعليه فإن المرتبة اللفظية للكلام هي المرتبة الخارجية عينها ولذلك فإن كلام الله غير مخلوق حيث ما تصرف، فإذا كتب كان هو كلامه، وأما الحبر والمداد وشكله فمخلوق، وإذا قرئ فسمع كان المسموع كلامه مسموعاً من المبلغ عنه لا مسموعاً من الله [5].
ثم فيما يلي أربعة إلزامات على الأشاعرة في قولهم إن كلام الله بلا حرف وصوت موجهة إليهم بطريقة السؤال:-

[1] انظر ((مجموع الفتاوى)) (12/ 73 - 74) و ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/ 435).
[2] انظر ((مجموع الفتاوى)) (12/ 64 - 65).
[3] انظر ((مجموع الفتاوى)) (12/ 69 - 70) و ((درء التعارض)) (4/ 133).
[4] انظر ((مجموع الفتاوى)) (12/ 112) و (مختصر الصواعق) (2/ 435).
[5] انظر ((مجموع الفتاوى)) (12/ 139).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست