اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 331
المسألة الثالثة: هل كلام الله بحرف وصوت؟ وقد سئل شيخ الإسلام عن القرآن: هل هو حرف وصوت؟ فأجاب بأن إطلاق هذا الجواب – نفيا وإثباتا – من البدع المولدة، الحادثة بعد المئة الثالثة، ثم قال: "والصواب الذي عليه سلف الأمة، كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصحيح في كتاب (خلق أفعال العباد)، وغيره، وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم – أتباع النصوص الثابتة، وإجماع سلف الأمة وهو أن القرآن جميعه كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس شيء من ذلك كلاما لغيره ... وأن الله يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح ... " [1].
وهذا من دقة السلف رحمهم الله في مسائل العقيدة، وخاصة ما يتعلق منها بالله وصفاته. حيث إنهم لا يبتدعون كلاما جديدا، بل يصفون الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما لم يرد إطلاق أن القرآن بحرف وصوت لم يطلقوه عليه كما يفعله البعض، وإنما يقولون: القرآن كله حروفه ومعانيه كلام الله، كما يقولون إن الله نادى موسى، والنداء لا يكون إلا بصوت، والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن الله ينادي بصوت. ومن المعلوم أن الكلام إذا أطلق فإنه يشمل الحروف والمعاني وهذا هو الذي فهمه السلف من صفة الكلام لله تعالى – على ما يليق بجلاله وعظمته -.ولكن لما وجد – في أهل البدع – من ينكر الحرف والصوت لينكروا كلام الله، بين السلف أن كلام الله شامل للحروف والمعاني، وأنه تعالى يتكلم بصوت، كما يصفونه بما ورد من التكليم والمناداة والمناجاة [2].وقد وردت نصوص فيها ذكر الحرف في كلام الله، وهو القرآن، ومن ذلك حديث: ((إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف)) [3]، وحديث ((أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)) [4]، وحديث ((أقرأني جبريل على حرف ... )) [5]. وحديث: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف)) [6] وحديث: ((من قرأ حرفا من كتاب الله ... )). [7] وغيرها.
¤موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – [3]/ 1295 اتفق الأشاعرة على أن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا صوت [8]، ولهم شبهات وهي: المشبهة الأولى: قالوا إن الحروف متعاقبة يعقب بعضها بعضاً وكذلك الأصوات، فلو كان كلام الله بحرف وصوت لكان حادثاً، والله منزه عن الحوادث، فلزم أن يكون كلامه بلا حرف ولا صوت [9].
والجواب: [1] ((مجموع الفتاوى)) (12/ 243 - 244). [2] انظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/ 518). [3] رواه (مسلم) (821) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه. [4] رواه مسلم (806) , من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. [5] رواه البخاري (3219) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. [6] رواه البخاري (4992) , ومسلم (818) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. [7] رواه الترمذي (2910) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه, وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه, وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)) و ((مشكاة المصابيح)) (2079). [8] انظر ((الإنصاف)) للباقلاني (ص:149) و ((التبصير)) للإسفراييني (ص: 167)، ((ولمع الأدلة)) للجويني (ص: 92)، و ((تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد)) (ص: 72). [9] انظر ((مشكل الحديث)) لابن فورك (ص: 202) و ((الإنصاف)) للباقلاني (ص: 149) و ((التبصير)) للإسفراييني (ص: 167).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 331