اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 317
- على أن الأمور الاختيارية تقوم بالله. - وعلى أن كلام الله لا نهاية له كما قال تعالى: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الكهف: 109] وقوله: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ [لقمان: 27] [1].وقد ذكر السلف – توضيحا لمذهبهم، وتمييزا له عن مذهب الكلابية والأشعرية ومن اتبعهم – أن الله يوصف بالسكوت، وأنه إذا شاء تكلم وإذا شاء سكت، وكان من أشهر ما وقع في ذلك قصة ابن خزيمة مع الكلابية – وكان ممن اعتنق مذهبهم بعض تلامذته – فجرت فصول ذكرها الحاكم في تاريخ نيسابور، ونقلها وعلق عليها شيخ الإسلام [2]، وأشار أبو إسماعيل الأنصاري إلى هذه القصة في مناقب أحمد بن حنبل، ومما قاله فيها: "وجاءت طائفة فقالت: لا يتكلم بعد ما تكلم، فيكون كلامه حادثا" [3]، ثم قال بعد ذكره لموقف أبي بكر بن خزيمة من هؤلاء: "فطار لتلك الفتنة ذلك الإمام أبو بكر، فلم يزل يصيح بتشويهها، ويصنف في ردها كأنه منذر جيش، حتى دون في الدفاتر، وتمكن في السرائر ولقن في الكتاتيب، ونقش في المحاريب: إن الله متكلم، إن شاء الله تكلم وإن شاء سكت، فجزى الله ذلك الإمام وأولئك النفر الغر عن نصرة دينه وتوقير نبيه خيرا" [4].ويلاحظ التنصيص على ألفاظ واضحة البيان في مخالفة مذهب الكلابية والأشعرية، ومن ذلك قول ابن خزيمة – كما قصته مع الكلابية -: "الذي أقول به إن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال: إن القرآن أو شيئا منه، ومن وحيه وتنزيله مخلوق، أو يقول: إن الله لا يتكلم بعدما كان يتكلم به في الأزل ... فهو عندي جهمي يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه" [5].وذكر عن ابن خزيمة أيضا أنه قال: "زعم بعض جهلة هؤلاء الذين نبغوا في سنتنا هذه أن الله لا يكرر الكلام فهم لا يفهمون كتاب الله ... " [6].ولهذا لما كان مذهب الأشاعرة بنفي ما يقوم بالله من الصفات الاختيارية بناء على نفي حلول الحوادث، ومن ثم منعوا أن يقال: إن الله يتكلم إذا شاء متى شاء كلاما قائما به، وإنه يتكلم شيئا بعد شيء – أجابهم شيخ الإسلام بقوله: "قلنا من أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل، وهو قول لازم لجميع الطوائف .... " [7]. [1] انظر: ((منهاج السنة)) (2/ 98) – ط مكتبة الرياض الحديثة. [2] في ((درء التعارض)) (2/ 9 - 10، 78 - 83)، و ((مجموع الفتاوى)) (6/ 169 - 177). [3] ((درء التعارض)) (2/ 76 - 77). [4] عن ((درء التعارض)) (2/ 77 - 78)، و ((شرح الأصفهانية)) (ص: 202 - 203) – ت السعوي. [5] ((درء التعارض)) (2/ 79)، و ((مجموع الفتاوى)) (6/ 170). [6] ((درء التعارض)) (2/ 79)، و ((مجموع الفتاوى)) (6/ 171). [7] ((منهاج السنة)) (2/ 298)) - ط دار العروبة المحققة.
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 317