اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 305
وقال الأشعري في أحد قوليه لا يقال (أي عن علم الله) هو الله ولا هو غير الله، وقال في قول له آخر وافقه عليه الباقلاني وجمهور أصحابه: "إن علم الله تعالى هو غير الله وخلاف الله وأنه مع ذلك غير مخلوق لم يزل" "الفصل 2/ 126".
أما قولهم في أن ليس لله تعالى علم فمخالف للقرآن وما خالف القرآن فباطل، ولا يحل لأحد أن ينكر ما نص الله تعالى عليه، وقد نص الله تعالى على أن له علماً فمن أنكره فقد أنكر على الله تعالى، وأما اعتراضاتهم التي ذكرنا ففاسدة كلها وسنوضح فسادها إن شاء الله تعالى في إفسادها لقول الجهمية والأشعرية، لأن هذه الاعتراضات هي اعتراضات هاتين الطائفتين وبالله التوفيق "الفصل 2/ 127".
قول من قال أن علم الله تعالى هو غير الله تعالى وخلافه وأنه ما يزل مع الله تعالى.
هذا قول لا يحتاج في رده إلى أكثر من أنه شرك مجرد وإبطال للتوحيد، لأنه إذا كان مع الله تعالى شيء غيره لم يزل معه، فقط بطل أن يكون الله تعالى كان وحده بل قد صار له شريك في أنه لم يزل: وهذا كفر مجرد ونصرانية محضة مع أنها دعوى ساقطة بلا دليل أصلاً، وما قال بهذا أحد قط من أهل الإسلام قبل هذه الفرقة المحدثة بعد الثلاث مئة عام، فهو خروج عن الإسلام وترك للإجماع المتيقن.
وقد قلت لبعضهم: إذا قلتم إنه لم يزل مع الله تعالى شيء آخر هو غيره وخلافه، ولم يزل معه فلماذا أنكرتم على النصارى في قولها إن الله ثالث ثلاثة، فقال لي مصرحاً: ما أنكرنا على النصارى إلا اقتصارهم على الثلاثة فقط ولم يجعلوا معه تعالى أكثر من ذلك فأمسكت عنه أن صرح بأن قولهم أدخل في الشرك من قول النصارى، وقولهم هذا رد لقول الله عز وجل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1]، فلو كان مع الله غير الله لم يكن الله أحد.
وما كنا نصدق من أن ينتمي إلى الإسلام يأتي بهذا لولا أنا شاهدناهم وناظرناهم ورأينا ذلك صراحاً في كتبهم ككتاب السمناني قاضي الموصل في عصرنا هذا وهو من أكابرهم وفي كتاب (المجالس) للأشعري وفي كتب لهم آخر "الفصل 2/ 135".
ووجدنا المتأخرين من الأشعرية كالباقلاني وابن فورك وغيرهما قالوا: إن هذه الأسماء ليست أسماء الله تعالى، ولكنها تسميات له وأنه ليس لله إلا اسم واحد.
لكنه قول إلحاد ومعارضة الله عز وجل بالتكذيب بالآيات التي تلونا ومخالفة لرسول الله فيما نص عليه من عدد الأسماء وهتك لإجماع أهل الإسلام عامهم وخاصهم قبل أن تحدث هذه الفرقة.
وهذا لا يجوز البتة لأنه لم يصح به نص البتة، ولا يجوز أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، وقد قال تعالى وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس: 39] فصح أن القديم من صفات المخلوقين، فلا يجوز أن يسمى الله تعالى بذلك، وإنما يعرف القديم في اللغة من القديمة الزمانية أي أن هذا الشيء أقدم من هذا بمدة محصورة، وهذا منفي عن الله تعالى وقد أغنى الله عز وجل عن هذه التسمية بلفظة أول، فهذا هو الاسم الذي لا يشاركه تعالى فيه غيره وهو معنى أنه لم يزل "الفصل 2/ 151 - 152".
وقد رأيت لابن فورك وغيره من الأشعرية في الكلام في هذا الحديث أنهم قالوا في معنى قوله عليه السلام أن الله خلق آدم على صورته، إنما هو على صفة الرحمن من الحياة والعلم والاقتدار واجتماع صفات الكمال فيه وأسجد له ملائكته كما أسجدهم لنفسه وجعل له الأمر والنهي على ذريته كما كان لله كل ذلك.
هذا نص كلام أبي جعفر السمعاني عن شيوخه حرفاً حرفاً، وهذا كفر مجرد لا مرية فيه لأنه سوى بين الله عز وجل وآدم في الحياة والعلم والاقتداء واجتماع صفات الكمال فيهما، والله يقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11].
ثم لم يقنعوا بها حتى جعلوا سجود الملائكة لآدم كسجودهم لله عز وجل، ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن سجودهم لله تعالى سجود عبادة ولآدم سجود تحية وإكرام، ومن قال: إن الملائكة عبدت آدم كما عبدت الله عز وجل فقد أشرك "الفصل 2/ 168".
¤موقف ابن حزم من المذهب الأشعري لعبد الرحمن دمشقية - ص 33
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 305