اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 277
المبحث الرابع: الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك
ويمكن تقسيمها إلى شبهتين رئيستين: الشبهة الأولى: محاولة تغيير بعض الحقائق الشرعية، وهذه تظهر في أمرين: الأول: تسميتهم الاستغاثة بغير الله توسلاً به! الثاني: تفسيرهم للآيات الواردة بالدعاء في القرآن بالعبادة لا الطلب، وفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة. الأمر الأول: مما فيه قلب الحقائق الشرعية: قال دحلان: "فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد" [1] - ونقل عن ابن حجر الهيتمي قوله: "ولا فرق في التوسل بين أن يكون بلفظ التوسل أو التشفع أو الاستغاثة أو التوجه!. ([2]) " اهـ. الجواب: لا شك في وجود فرق بين التوسل والاستغاثة لغة وشرعاً - فالتوسل من الوسيلة، وهي تتضمن: التوصل، والرغبة، والقربة [3]. وهي في الشرع لابد من تقييدها بالكتاب والسنة - شأن كل الحقائق الشرعية - وفي مسألتنا هذه: وهي التوسل إلى الله بالأشخاص: يجب أن يكون وفق الشرع، وهو أن يتوسل إلى الله تعالى بدعاء الشخص فيكون شفيعاً له في مسألته، ويدل له حديث الأعمى الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت دعوتُ وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال لا: بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى، اللهم فشفعني فيه وشفعه فيَّ)) [4].وهو ظاهر في الدعاء لأمور: [5][1] - إنه لو لم يكن توسلاً بالدعاء لما احتاج الرجل أن يأتيه ويطلب منه الدعاء، بل كان يمكنه أن يفعل ذلك دون أن يأتيه. [2] - إن الحديث من أوله إلى آخره في الدعاء، فالرجل جاء طالباً الدعاء وخيره الرسول صلى الله عليه وسلم بين الصبر وبين أن يدعو له فاختار الدعاء، والراوي وإن اختصر الحديث فلم يذكر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له إلا أنه هو المفهوم من الحديث لأمرين: الأول: وعده صلى الله عليه وسلم بالدعاء له إن اختاره وهو أوفى الناس بوعده. الثاني: آخر الحديث وفيه: ((اللهم فشفعني فيه وشفعه فيَّ)) فقوله: ((فشفعه فيَّ)) أي بدعائه صلى الله عليه وسلم لي، وقوله: ((فشفعني فيه)) أي: أسألك اللهم أن تستجيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لي، فهذا هو وجه كونه شفيعاً له. وهذا يوضح التقدير في الحديث: ((أتوجه إليك بنبيك)) أي: بدعائه، وكذا قوله: ((أتوجه بك)) أي بدعائك.[3] - عدول الصحابة عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته إلى التوسل بالعباس - رضي الله عنه - كما قال عمر - رضي الله عنه - ((اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا)) (6) [1] ((الدرر السنية)) (ص: 14). [2] ((الدرر السنية لدحلان)) (ص: 17)، وانظر ((مفاهيم يجب أن تصحح)) (ص: 54)، وكتاب الهيتمي هو: ((الجوهر المنظم في زيارة النبي المعظم)). [3] انظر ((المفردات للراغب)) (ص: 187) - و ((القاموس المحيط)) (ص: 1379). مادة (وسل). [4] رواه الترمذي (3578) , وابن ماجه (1385) , قال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه, وقال البيهقي في ((دلائل النبوة)) (6/ 166): روي بإسناد صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)). [5] انظر ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)) في (ص: 115 - 259 - 260). و ((التوسل للألباني)) (ص: 76 - 83).
(6) رواه البخاري (1010) ..
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 277