اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 211
المبحث الرابع: نشأة المذهب الأشعري وانتشاره
لتحديد نشأة الأشعرية لا ينفك الأمر من حالين:
الحالة الأولى: النظر إلى حقيقة المذهب الذي تميز به الأشاعرة عن غيرهم، فهنا لا ترتبط النشأة بأبي الحسن الأشعري، وإنما ترتبط بابن كلاب ومدرسته الكلابية.
الحالة الثانية: النظر إلى التسمية، فلا شك أن التسمية بالأشاعرة أو المذهب الأشعري مرتبطة بأبي الحسن الأشعري وتلامذته من بعده.
ويتضح الفرق بالنسبة لمن كان معاصرا للأشعري وتتلمذ على ابن كلاب أو تلامذته دون الأشعري وتلامذته مع أنه يقول بقول ابن كلاب الذي هو قول الأشعري، فمثل هذا أشعري الاعتقاد لكنه لا ينسب إلا إلى ابن كلاب، وفي خراسان وغيرها من بلاد الإسلام النائية قد توجد مثل هذه النماذج، ولذلك لما عرض شيخ الإسلام ابن تيمية لنشأة المذهب الكلابي في كلام الله ربطه بابن كلاب ومدرسته، فقال: "وكان ... قد نبغ في أواخر عصر أبي عبدالله (أحمد ابن حنبل) من الكلابية ونحوهم؛ أتباع أبي محمد عبدالله بن سعيد ابن كلاب البصري، الذي صنف مصنفات رد فيها على الجهمية والمعتزلة وغيرهم، وهو من متكلمة الصفاتية، وطريقته يميل فيها إلى مذهب أهل الحديث والسنة، لكن فيها نوع من البدع، لكونه أثبت قيام الصفات بذات الله ولم يثبت قيام الأمور الاختيارية بذاته، ولكن له في الرد على الجهمية – نفاة الصفات والعلو – من الدلائل والحجج وبسط القول ما بين به فضله في هذا الباب، وإفساده لمذاهب نفاة الصفات بأنواع من الأدلة والخطاب، وصار ما ذكره معونة ونصيرا وتخليصا من شبههم لكثير من أولي الألباب، حتى صار قدوة وإماما لمن جاء بعده من هذا الصنف الذين أثبتوا الصفات، وناقضوا نفاتها، وإن كانوا قد شاركوهم في بعض أصولهما الفاسدة، التي أوجبت فساد بعض ما قالوه من جهة المعقول ومخالفته لسنة الرسول".
"وكان ممن اتبعه الحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي، ثم أبو الحسن الأشعري، وأبو الحسن بن مهدي الطبري، وأبو العباس الصبغي، وأبو سليمان الدمشقي، وأبو حاتم البستي، وغير هؤلاء، المثبتين للصفات المنتسبين إلى السنة والحديث، المتلقبين بنظار أهل الحديث".
"وسلك طريقة ابن كلاب – في الفرق بين الصفات اللازمة كالحياة، والصفات الاختيارية، وأن الرب يقوم به الأول دون الثاني – كثير من المتأخرين، من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد، كالتميميين أبي الحسن التميمي، وابنه أبي الفضل التميمي، وابن ابنه رزق الله التميمي، وعلى عقيدة الفضل التي ذكر أنها عقيدة أحمد اعتمد أبو بكر البيهقي فيما ذكره من مناقب أحمد بن الاعتقاد"."وكذلك سلك طريقة ابن كلاب هذه أبو الحسن بن سالم وأتباعه "السالمية" والقاضي أبو يعلى وأتباعه كابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني، وهي طريقة أبي المعالي الجويني، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي، وغيرهم، لكنهم افترقوا في القرآن، وفي بعض المسائل على قولين – بعد اشتراكهم في الفرق الذي قرره ابن كلاب –" [1].
فالأصل الذي قرره ابن كلاب قال به هؤلاء كلهم، وفيهم الأشاعرة وغيرهم ممن لا ينسب إليهم كالسالمية وبعض الحنابلة.
ومع مرور الزمن بدأت تنقرض النسبة إلى ابن كلاب لتحل محلها النسبة إلى الأشعري، والسؤال الذي يطرح هنا هو: إذا كان قول ابن كلاب هو الأصل فلماذا لم ينسب إليه مذهب الأشاعرة وإنما نسب إلى أبي الحسن الأشعري؟
ويمكن الجواب عن هذا السؤال من خلال الأمور التالية: [1] الكلابية، ((مجموع الفتاوى)) (12/ 366 - 368).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 211