responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 439
قال الشارح: اعلم أنّ المفعول معه لا يكون إلّا بعد الواو، ولا يكون إلّا بعد فعلٍ لازم، أو مُنْتَهٍ في التعدّي، نحو قولك: "ما صنعت وأباك"، و"ما زلتُ أسيرُ والنيلَ"، و"لو تُرِكَتِ الناقةُ وفَصِيلَها لرضَعَها"، وإنّما افتقرتَ إلى الواو لضُعْف الأفعال قبل الواو عن وُصولها إلى ما بعدها، كما ضعُفت قبل حروف الجرّ عن مباشرتها الأسماء، ونصبِها إيّاها، فكما جاؤوا بحروف الجرّ تَقْوِيَةً لِما قبلها من الأفعال لضُعْفها عن مباشرةِ الأسماء بأنفسها عُرْفًا واستعمالًا، فكذلك جاؤوا بالواو تقويةً لِما قبلها من الفعل، فإذا قلت: "اسْتَوَى الماءُ والخَشَبَةَ"، و"جاء البَرْدُ والطَيالِسَةَ"، فالأصلُ: استوى الماءُ مع الخشبةِ، وجاء البردُ مع الطيالسة، وكانت الواوُ، و"مَعَ" يتقارب مَعْنياهما. وذلك أنّ معنى "مَعَ" الاجتماعُ والانضمامُ. والواوُ تجمَع ما قبلها مع ما بعدها، وتضُمّه إليه، فأقاموا الواو مُقامَ "مَعَ" لأنّها أخَفُّ لفظًا، وتُعطي معناها. ولم تكن الواو اسمًا يعمل فيه الفعلُ كما عمِل في "مَعَ" النصبَ، فانتقل العملُ إلى ما بعد الواو كما صنعتَ في الاستثناء. ألا ترى أنّك إذا استثنيتَ باسمٍ أثَّرَ فيه الفعل، نحو: "قامَ القَوْمُ غيرَ زيدٍ"، نصبتَ "غيرًا" بالفعل قبله، لأنّه اسمٌ يعمل فيه العامل. فإذا جئت بـ "إلّا"، وقلت: "قام القومُ إلّا، زيدًا" انتقل العملُ إلى ما بعدَ "إلّا" لأنّ "إلّا" حرفٌ لا يعمل فيه العاملُ.
فإن قيل: هلّا خفضتم ما بعد الواو، إذ الدليلُ يقتضي ذلك لوجهَيْن: أحدهما أنّها مُوصِلةٌ للفعل قبلها إلى الاسم الذي بعدها كإيصال حروف الجرّ، الثاني أنّها نائبةٌ عن "مَعَ"، و"مَعَ" خافضةٌ، فكان ينبغي أن تكون خافضةً أيضًا. فالجوابُ أنّ الواو هنا تُفارِق ما ذكرتم. وذلك أنّ الواو في المفعول معه من نحو "قمت وزيدًا" جاريةٌ هنا مجرَى حروف العطف، والذي يدلّ على ذلك أنّ العرب لم تستعملها قطّ بمعنى "مَعَ" إلّا في الموضع الذي لو استُعملتْ فيه عاطفةً لجاز. ألا ترى أنّك إذا قلت: "قمتُ وزيدًا"، لم يمتنع أن تقول: "قمت وزيدٌ"، فتعطفَه على ضمير الفاعل. وكذلك إذا قلت: "لو تُركت الناقةُ وفصيلَها لَرضعها". لو رفعتَ "الفصيل" بالعطف على "الناقة" لجاز. ولو قلت: "انتظرتُك، وطُلوعَ الشمس" أي: مع طلوع الشمس، لم يجز عند أحد من النحويين والعرب. وإنّما لم يجز ذلك عندهم، لأنّك لو رُمْتَ أن تجعلها عاطفةً على التاء لم يجز، لأنّ الشمس لا يسوغ فيها انتظارُ أحد، كما يسوغ "في قمتُ وزيدًا": "قمتُ وزيدٌ"، فتعطف "زيدًا"، على التاء، لأنه يجوز من زيد القيامُ كما يجوز من المتكلّم.

= وجملة "إذا كانت الهيجاء فحسبك ... ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كانت الهيجاء": في محل جر بالإضافة. وجملة "انشقت العصا": معطوفة في محل جر بالإضافة. وجملة "فحسبك سيف": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "والضحّاكَ" حيث نصبه على المعية، والعامل فيه قوله: "حسبك"، لأنه بمعنى "يكفيك".
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش    الجزء : 1  صفحة : 439
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست