اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 359
وتلحَق علامةُ الندبة المضافَ إليه، فيقال: "وا أميرَ المؤمنيناهْ"، و"وا غلامَ زيداهْ"؛ لأنّ المضاف والمضاف إليه كالاسم الواحد من حيث كان ينزِل منزلةَ التنوين من المضاف، فإن كان المضافُ إليه اسمًا ظاهرًا، فتحتَ آخِرَه لأجلِ ألف الندبة، وتحذف التنوينَ من المضاف إليه في الندبة، لأنه لا يجتمع ساكنان: التنوينُ والألفُ، ولم تُحرِّك التنوينَ لأن أداةَ الندبة زيادةٌ غيرُ منفصلة كما أن التنوين كذلك، فلم يجتمع في آخِرِ الاسم زيادتان على هذه القضيّة، فعاقبوا بينهما لذلك. هذا إذا كان المضافُ إليه ظاهرًا، فإن كان مضمرًا؛ فإن كان المضمرُ متكلمًا، فلا تخلو ياؤُه من أن تكون محذوفةً وقد اجتُزىء بالكسرة منها، نحوَ: "يا غلامِ"، أو تكون ثابتة، وفيها لغتان السكونُ والحركةُ.
فإن كانت الأوُلى، فإنّك تُبْدِل من الكسرة فتحةً لأجلِ الألف بعدها، وتقول: "وا غلاماهْ"، وإن كانت ثابتةً، وهي ساكنةٌ، كان لك فيها وجهان:
أحدهما: حذفُ الياء لسكونها وسكونِ الألف بعدها، ويستوي في ذلك لغةُ مَن أثبتَها ومَن حذفها.
والوجهُ الثاني: أن لا تحذفها، بل تفتحها لأجل الألف بعدها، وإذا كانوا قد فتحوا ما ليس أصلُه الفتحَ، كان فتحُ ما أصلُه الفتحُ أجدرَ وأوْلى.
وإن كانت الياء مفتوحةً، نحوَ: "وا غلامِيَ"، فليس فيه إلّا وجهٌ واحدٌ. وهو إثباتُها وتحريكُها.
وإن كان المضاف إليه مضمرًا غيرَ ياءِ النفس، أثبتَّه بالألف، وفتحتَ ما قبلها إذا لم يلتبِس، نحوَ قولك في المضاف إلى المخاطب: "وا غلامَكاهْ". فإن كان ممّا يلتبِس، قلبتَ الألفَ إلى جنسِ الحركة قبلها، نحوَ: "يا غلامَكِيهْ"، إذا كان المخاطبُ مؤنّثًا، إذ لو قلت: "وا غلامكاهْ"، التبس بالمذكّر.
وكذلك تقول: "وا غلامَهُوهْ" إذا كان المضمر غائبًا، إذ لو قلت: "وا غلامَهَاهْ" التبس بالمؤنّث، وعلى هذا فقِسْ كلَّ ما يأتي منه.
ولا تلحَق ألفُ الندبة الصفةَ، لا تقول: "وا زيدُ الظريفاهْ" عند سيبويه والخليلِ [1]؛ لأن الصفة ليست المقصودَ بالندبة، وإنّما المندوبُ الموصوفُ، وذهب الكوفيون، ويونسُ من البصريين إلى جَوازه [2]. وقالوا: إن الصفة والموصوف كالشيء الواحد. والمذهبُ الأوّلُ، إذ ليست الصفةُ كالمضاف إليه، لأنّ المضاف إليه داخلٌ في المضاف، ولذلك يلزَمه، وأنتَ في الصفة بالخِيار، إن شئتَ تصف، وإن شئت لا تصف.
واعلم أنّ الندبة لما كانت بُكاءً ونَوْحًا بتَعْدادِ مَآثِرِ المندوب وفضائِله، وإظهارُ ذلك [1] الكتاب 2/ 226. [2] انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، ص 364 - 365.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 359