اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 358
المندوب
فصل
قال صاحب الكتاب: "ولا بد لك في المندوب من أن تلحق قبله "يا" أو "وا", وأنت في إلحاق الألف في آخره مخيرٌ, فتقول: "وا زيداه". أو "وا زيدُ". والهاء اللاحقة بعد الألف للوقف خاصة دون الدرج. ويلحق ذلك المضاف إليه, فيقال: "وا أمير المؤمنيناه", ولا يلحق الصفة عند الخليل [1] ,فلا يقال "وازيد الظريفاه", ويلحقها عند يونس [2]. ولا يندب إلا الاسم المعروف, فلا يقال: "وارجلاه", ولم يستقبح: وامن حفر بئر زمزماه", لأنه بمنزلة "وا [3] عبد المطلباه"".
* * *
قال الشارح: اعلم أن المندوب مدعوٌّ، ولذلك ذُكر مع فُصول النداء، لكنّه على سبيل التفجّع، فأنتَ تدعوه، وإن كنتَ تعلم أنّه لا يستجيب كما تدعوالمستغاثَ به وإن كان بحَيْثُ لا يسمع، كأنّه تعُدّه حاضرًا. وأكثرُ ما يقع في كلام النساء لضُعْفِ احتمالهنّ، وقلةِ صَبْرهنّ. ولمّا كان مدعوًّا بحيث لا يسمع أتوا في أوّله بـ "يَا" أو "وَا" لمَدِّ الصوت، ولمّا كان يُسْلَك في الندبة والنوْحِ مذهبُ التطريب، زادوا الألفَ آخِرًا للترنّم؛ كما يأتون بها في القَوافي المطلَقةِ. وخصّوها بالألف دون الواو والياء، لأنّ المَدّ فيها أمكنُ من أُخْتَيْها.
واعلم أنّ الألف تفتح كلَّ حركة قبلها ضمةً كانت أو كسرةً, لأنّ الألف لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحًا، اللَّهُمَّ إلا أن يُخاف لَبْسٌ، فحينئذ لا تُغيَّر الحركة، فتقول: "وا زيدَا". وإذا وقفتَ على الألف، ألحقتَ الهاءَ في الوقف محافظة عليها لخَفائها، فتقول: "وا زيداهْ"، و"يا عمراهْ". فإن وصلتَ، أسقطتَ الهاءَ؛ لأن خَفاءَ الألف قد زال بما اتّصل بها، فتقول: "وا زيدًا، وعمراهْ"، تُسْقِط الهاءَ من الأوّل لاتّصاله بالثاني، وتُثْبِتها في الثاني لأنّك وقفتَ عليه، ويجوز أن لا تأتي بألف الندبة، وتُجْرِيَ لفظَه مُجْرَى لفظ المنادي، نحوِ: "وا زيدُ"، و"يا عمرُو"، ولا يُلْبِس بالمنادى، إذ قرينةُ الحال تدل عليه. [1] الكتاب 2/ 226. [2] الكتاب 2/ 226. [3] في الطبعتين: "يا"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص 906.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 358