اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 351
يريد: بباقِيَةٍ، وفي "جارِيَةِ": جاراةٌ، وهو كثير، وإذا ساغ ذلك في غير النداء، ففي النداء أوْلى لكثرة استعماله. ومنهم من يقول: "يا رَب" و"يا قومُ" بالضمّ، يريدون: "يا رَبِّ" و"يا قوم"، وإنّما يفعلون ذلك في الأسماء الغالب عليها الإضافةُ, لأنهم إذا لم يضيفوها إلى ظَاهر أو إلى مضمر غير المتكلّم، عُلم أنّها مضافةٌ إلى المتكلّم، والمتكلّمُ أوْلى بذلك, لأنّ ضميره الذي هو الياء قد يُحذف، فاعرفه.
فأمّا التاء في "يا أبَتِ"، و"يا أمَّتِ" فتاءُ التأنيث بمنزلة التاء في "قائمة"، و"امرأة". قال سيبويه [1]: سألتُ الخليلَ عن التاء في "يا أبَتِ لا تفعلْ"، و"يا أُمَّتِ"، فقال: هذه التاءُ بمنزلة الهاء في "خالةٍ"، و"عَمّةٍ"، يعني أنها للتانيث. والذي يدلّ على أنها للتأنيث أنك تقول في الوقف "يا أبَهْ"، و"يا أُمَّه"، فتُبْدِلها هاءً في الوقف كـ "قاعِدْ" و"قاعِدهْ" على حد "خالْ"، و"خالهْ"، و"عَمْ"، و"عَمَّهْ". ودخلت هذه التاءُ كالعوض من ياء الإضافة. والأصلُ "يا أبي"، و"يا أُمّي"، فحُذفت الياء اجتزاءً بالكسرة قبلها، ثمّ دخلت التاءُ عوضًا منها، ولذلك لا تجتمعان، فلا تقول: "يا أبَتِي"، ولا "يا أُمَّتِي" لئلّا يُجْمَع بين العوض والمعوَّض منه.
ولا تدخل هذه التاءُ عوضًا فيما كان له مؤئثٌ من لفظه، ولو قلت في "يا خالي"، و"يا عمّي"، "يا خالتِ" و"يا عمّتِ" لم يجز، لأنّه كان يلتبِس بالمؤئث، فأقا دخولُ التاء على "الأُم" فلا إشكالَ فيه، لأنها مؤنثةٌ، وأمّا دخولها على "الأب" فلمعنَى المبالغة من نحوِ "راوِيَةِ"، و"عَلامَةٍ". وفيه لغاث قالوا: "يا أبَتِ" بالكسر، و"يا أبَتَ" بالفتح، و"يا أبَتَا" بالاْلف، وإذا وقفتَ قلت: "يا أبَتاهْ "، و"يا أُفَتاهْ ". وحكى يونسُ [2] عن العرب: "يا أبَ"، و"يا أُمَّ "، فمن قال: "يا أبَتِ" بالكسر، فإنّه أراد: "يا أبتِي" بالإضافة إلى ياءِ النفس، ثم حذف الياءَ، وأبقى الكسرةَ دليلاً عليها مؤذِنةً بأنّها مُرادةٌ، ومن قال: "يا أبَتَ" بالفتح فيحتمل أمرَيْن: أحدُهما: أن يكون مثلَ: "يا طَلْحَةَ أقبِلْ"، ووجهُه أن أكثرَ ما يُدْعَى هذا النحوُ ممّا
= الإعراب: "وما": الواو: بحسب ما قبلها، "ما": حرف نفي تعمل عمل "ليس". "الدنيا": اسم "ما" مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف."بباقاة": الباء: حرف جر زائد، "باقاة": اسم مجرور لفظًا منصوب محلاًّ على أنه خبر "ما". "علينا": جار ومجرور متعلّقان بـ "باقاة" "ولا": الواو: للعطف، "لا": زائدة لتوكيد النفي. "حيّ": مبتدأ مرفوع بالضمّة. "على الدنيا": جار ومجرور متعلقان بـ "باق". "بباق": الباء: حرف جرت زائد، "باق": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلاًّ على أنه خبر لـ "حي".
وجملة "ما الدنيا ... ": بحسب ما قبلها. وجملة "ولا حي بباق": معطوفة على جملة "ما الدنيا" فهي مثلها.
والشاهد فيه قوله: "بباقاة" حيث أبدل الشاعرُ من الياء الواقعة بعد الكسرة ألفًا- والأصل: بباقيةٍ - وذلك على لغة طيِّىء. [1] الكتاب 2/ 210، 211. [2] الكتاب 2/ 213.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 351