اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 349
نداء المضاف إلي ياء المتكلّم فصل
قال صاحب الكتاب: "وقالوا في المضاف إلى ياء المتكلم يا غلامي ويا غلام ويا غلاما وفي التنزيل {يا عباد فاتقون} [1] وقرئ {يا عبادي} [2]. ويقال "يا رباً تجاوز عني", وفي الوقف: "يا رباه", و"غلاماه", والتاء في "يا أبت" و"يا أمت" تاء تأنيث عوضت عن الياء, ألا تراهم يبدلونها هاء في الوقف".
* * *
قال الشارح: متى أضافوا المنادى إلى ياء النفس، ففيه لغات أجودُها حذفُ الياء، والاكتفاءُ منها بالكسرة، وذلك نحوُ: "يا قومِ لا بَأْسَ"، و"يا غلامِ أقْبلْ".
وقال تعالى: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [3] لم يُثْبِتوا الياءَ ها هنا كما لم يثبتوا التنوينَ في المفرد، نحو: "يا زيدُ"، لأنها بمنزلته إذ كانت بدلاً منه، وذلك أن الاسم مضافٌ إلى الياء، والياءُ لا معنَى لها، ولا تقوم بنفسها إلَّا أن تكون في الاسم المضاف إليها، كما أن التنوين لا يقوم بنفسه يكون في اسم. فلمّا كانت الياءُ كالتنوين، وبدلاً منه، حذفوها في الموضع الذي يُحْذَف فيه التنوين تخفيفًا لكثرةِ الاستعمال، والنداءِ، ولم يُخِلّ حذفُها بالمقصود، إذ كان في اللفظ ما يدلّ عليها، وهو الكسرةُ قبلها. ألا ترى أنّه لو لم يكن قبلها كسرةٌ لم تُحْذَف، نحوَ: "مُصْطَفَى"، و"مُعَلّى" إذا أضفتَهما قلت: "مصطفايَ" و"مُعَلايَ"، فلا يجوز إسقاطُ الياء منهما, لأنّه لا دليلَ عليها بعد حذفها. وإذا كانوا قد حذفوا الياءَ اجتزاء بالكسرة قبلها في غير النداء، كان جَوازُه في النداء الذي هو بابُ حذفٍ وتغيُّرٍ أوْلى وأجدرَ بالجواز، ألا ترى أنك تحذف منه التنوينَ، نحوَ: "يا زيدُ"، وتُسوِّغ فيه الترخيمَ، نحوَ: "يا حارِ"، فاعرفه.
اللغة الثانية إثباتُ الياء، نحوُ: "يا غلامِي"، وكان أبو عمرو يقرأ: {يَا عبادي فاتَّقون} [4]. وقال عبدُ الله بن عبدِ الأعْلَى القُرَشي [من الرجز]: [1] الزمر: 16. [2] هذه قراءة رويس. انظر: الكشاف 3/ 392؛ والنشر في القراءات العشر 2/ 364؛ ومعجم القراءات القرآنية 6/ 13. [3] الزمر: 16. [4] الزمر: 16.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 349