بقوله: "لو قطع يده، أو بعض أصابعه، وعليها شعر وظفر فلا فدية عليه بلا خلاف [1] لأنهما تابعان، غير مقصودين، وشبه أصحابنا هذا بما لو كانت له امرأة صغيرة فأرضعتها أمه انفسخ النكاح، ولزم الأم مهرها، ولو قتلتها لم يلزمها المهر لاندراج البضع في القتل .. " [2] اهـ.
فبين -رحمه الله- عدم وجوب الفدية في قطع اليد والأصابع مع اشتمالها على الشعر والظفر للأصل الذي سبقت الإشارة إليه.
ويرخص الأطباء بفعل الجراحة الطبية اللازمة لإسعاف الحجاج، لو كانت مفضية إلى فوات الحج عليهم ما دام أن تأخيرها يفضي بهم إلى الهلاك، أو حصول ضرر عظيم كما هو الحال في الجراحة التي تجرى لإسعاف حوادث الطرق المشتملة على الحالات الخطيرة وما في حكمها، ويعتبر المرض في هذه الحالات موجبًا للترخيص في امتناعه عن الحج، فإذا فاته تحلل بعمرة بعد شفائه [3]، ما لم يكن مشترطًا في إحرامه لحديث ضباعة بنت الزبير -رضي الله عنها- وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "لعلك أردت الحج؟ قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي، قولي اللهم محلي حيث حبستني" [4].
فقد دل هذا الحديث على مشروعية الاشتراط في الحج، وأن من حج مشترطًا حل من أحرامه عند وجود العذر الحابس دون أن يلزم بشىء [5]. [1] أي عند أصحاب الشافعي كما ظهر من السياق. [2] المجموع للنووي 7/ 548. [3] الدر المختار للحصفكي 1/ 237، جواهر الإكليل للأبي 1/ 206، المجموع للنووي 8/ 310، الإنصاف للمرداوي 4/ 71. [4] رواه البخاري في صحيحه 3/ 241، 242، ومسلم 2/ 519، 520. [5] الإنصاف للمرداوي 4/ 72، المجموع للنووي 8/ 310، 311.