ولهذا كله فإنه إذا احتاج المحرم إلى حلق رأسه لعلاج موضع فيه بالجراحة فإنه يرخص له في فعل ذلك الحلق كما هو الحال في بعض صور الجراحة العصبية التي تستلزم حلق مؤخر الرأس أو أحد شقيه لكي يتمكن الطبيب من فعل الجراحة اللازمة [1].
وكذلك لو احتاج إلى حلق الشعر في مواضع الجسد الأخرى كالعانة، والإبط، والصدر والساعد والساق وغيرها فإنه يجوز له ذلك، وتلزمه الفدية [2].
أما لو احتاج الأطباء إلى قلع جلدة مشتملة على الشعر فإنه لا حرج عليهم في ذلك، وليس على المريض الفدية بناء على ما تقرر من عدم الضمان في التابع، والشعر هنا تابع للجلد، وليس مقصودًا في الأصل.
قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-: "إذا قلع جلدة عليها شعر فلا فدية عليه، لأنه أزال تابعًا لغيره والتابع لا يضمن كما لو قطع أشفار عيني إنسان، فإنه لا يضمن أهدابهما" [3] اهـ.
وبناء على هذا الأصل الموجب لإسقاط ضمان التابع فإنه يتفرع عليه، إن قطع كف المحرم وأصابعه المشتملة على الشعر والظفر لا يوجب الفدية أيضًا كما أشار إلى ذلك الإمام النووي -رحمه الله- [1] الجراحة العصبية. د. بكداش 18. [2] وهي على التخيير كما تقدم في حديث كعب. حاشية ابن عابدين 2/ 274، قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي 157، المهذب للشيرازي 1/ 214، الإنصاف للمرداوي 3/ 455، 456. [3] المغني لابن قدامة 3/ 497، ونص على مثل هذا الحكم "أي إسقاط الفدية على هذا الوجه" الإمام الشافعي وأصحابه إلا أنهم فضلوا الفدية. المجموع للنووي 7/ 248.