دليلاً واضحًا على أن مشقة الجراح توجب الترخيص بالتيمم.
وللجرح الموجب لرخصة التيمم عند الشافعية -رحمهم الله- شرط لابد من توفره، وهو خوف التلف [1]، ومفهومه أنه لا يتيمم عند عدم خوفه، لكن لما نصوا على أن خوف زيادة العلة، أو بطء البرء، أو شدة الضنا، أو الشين الفاحش يعتبر موجبًا للترخيص بالتيمم على الأظهر في المذهب [2]، دل ذلك على أن الجراحة إذا لم يخف منها التلف، وخيف منها حصول الأضرار السابقة جاز لصاحبها أن يترخص بالتيمم.
والجراحة الطبية تشتمل في كثير من صورها على هذه الأضرار التي تترتب على الغسل والوضوء، فغسل موضعها يؤدي إلى التهابه وتسممه، وقد ينتهي ذلك بوفاة المريض في أغلب الأحيان.
لذلك فإنها إذا بلغت إلى مقام المشقة الضرورية الموجبة للترخيص بأن خيف فوات النفس أو العضو، أو الحاجية بأن خيف زيادة ألم، أو حصول مضاعفات توجب الضرر أو تأخر البرء، جاز لصاحبها أن يترخص بالتيمم بشرط أن تعم الجراحة البدن، وأعضاء الوضوء أو جلها [3].
أما إذا كانت في جزء من الجسم بحيث يمكن غسل غيره، والمسح على ذلك الجزء، فإنه يجب على المريض غسل ما أمكن والمسح على غيره، ولم يجز له أن يترخص بالتيمم [4]، وذلك لأن [1] المهذب للشيرازي 1/ 36. [2] الوسيط في المذهب للغزالي 1/ 440، روضة الطالبين للنووي 1/ 103. [3] قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي 52، روضة الطالبين للنووي 1/ 104. [4] الدر المختار للحصكفي 1/ 46، منح الجليل لعليش 1/ 97، روضة الطالبين =