عليهم الاقتصار على الوقت المحتاج إليه دون زيادة، وذلك لأن الأصل في الشرع يقتضي حرمة الكشف عن العورة، والنظر إليها جميعها، فإذا وجدت الضرورة أو الحاجة استثني من ذلك الأصل الموضع والزمان المحتاج أو المضطر إليه، وبقي غيره على الأصل المقتضي لحرمة كشفه والنظر إليه، وذلك للقاعدة الشرعية التي تقول: "ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها" [1].
قال الشيخ أحمد الزرقاء [2] -رحمه الله- في شرحه لقاعدة "الضرورات تقدر بقدرها": "ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنما يرخص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فحسب، فإذا اضطر إنسان لمحظور فليس له أن يتوسع في المحظور، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط" [3].
فالطبيب ومعاونوه مضطرون لمحظور وهو الكشف والنظر إلى العورة، وهذا الاضطرار مقيد بموضع معين، فليس لهم مجاوزته في الكشف والنظر ولا الزيادة على الوقت المحتاج إليه، فمتى ما توصل الطبيب إلى معرفة المرض الجراحي ومصور الأشعة من إسقاط الأشعة حرم عليهم بعد ذلك النظر إعمالاً للقاعدة التي تقول: "ما جاز لعذر بطل بزواله" [4] ... والله أعلم. [1] الأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 86، والأقمار المضيئة للأهدل 121، 122، قواعد الفقه للمجددي ص 89. [2] هو الشيخ أحمد بن محمد بن عثمان الزرقاء، ولد -رحمه الله- في مدينة حلب سنة 1285 هـ، وهو من فقهاء الحنفية المبرزين في عصره، شرح القواعد الفقهية، ودرسها نحو عشرين سنة، توفي -رحمه الله- في حلب عام 1327 هـ. انظر ترجمته في مقدمة كتابه شرح القواعد الفقهية ص 13 - 24. [3] شرح القواعد الفقهية للزرقاء ص 133. [4] الأشباه والنظائر للسيوطي ص 85، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 86، شرح =