من فعل ذلك وهذا النوع من الجراحة سبب يتوصل به لتحصيل هذا الفعل المحرم الذي يعتبر من كبائر الذنوب [1].
لأن الرجل إذا طلب هذا النوع من الجراحة إنما يقصد أولاً وقبل كل شيء مشابهة النساء، وكذلك المرأة.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- [2] في شرحه لهذا الحديث: (الحكمة في من تشبه: إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء، وقد أشار إلى ذلك في لعن الواصلات بقوله: "المغيرات خلق الله" [3] اهـ.
قلت: وهذا الإخراج الذي ذكره -رحمه الله- إنما يتحقق في مسألتنا هنا بالجراحة فهي وسيلة للمحرم من هذا الوجه، وعليه فإن فعلها يعتبر من باب المعونة على الإثم وذلك محرم شرعًا [4].
ثالثًا: أن هذا النوع من الجراحة يشتمل على استباحة المحظور شرعًا دون إذن الشارع، إذ فيه كشف كل من الرجل والمرأة عن موضع العورة، ويتكرر ذلك مرات عديدة، وقد دلت الأدلة الشرعية على [1] لأن الوعيد باللعن يعتبر من ضابط الكبير. انظر تفسير القرطبي 5/ 160، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 11/ 650، 651، والكبائر للذهبي ص 7. [2] هو الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني ولد -رحمه الله- بمصر سنة 773 من الهجرة وكان إمامًا في علوم كثيرة خاصة في علم الحديث والفقه والتاريخ، توفي -رحمه الله- في مصر سنة 852 من الهجرة وله مصنفات منها: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، الإصابة في تمييز الصحابة، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة. معجم المؤلفين عمر كحالة 2/ 20 - 22. [3] فتح الباري لابن حجر 1/ 333. [4] قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} الآية سورة المائدة (5) آية 2.