responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 81
فِي الْمُتَصَدِّي لِلْإِمْرَةِ، وَتِيكَ هِيَ الَّتِي جَرَّتْ مِنْهُ هَذِهِ الْفَتْرَةَ، وَلَا يَرْتَضِي هَذِهِ الْحَالَةَ مَنْ نَفْسُهُ ذُو حَصَافَةٍ فِي الْعَقْلِ، وَدَوَامُ التَّهَافُتِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مُشْعِرٌ بِرَكَاكَةِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ بِاضْطِرَابِ الْجِبِلَّةِ، وَهُوَ خَبَلٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِدْرَاكُ ذَلِكَ، فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الْأُمُورُ عَنْ مَرَاتِبِهَا وَتَمِيلَ مِنْ مَنَاصِبِهَا، وَتَمِيدَ خِطَّةُ الْإِسْلَامِ بِمَنَاكِبِهَا" (1)
ثم قال:" وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِإِتْمَامِ الْغَرَضِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَصَدِّيَ لِلْإِمَامَةِ إِذَا عَظُمَتْ جِنَايَتُهُ، وَكَثُرَتْ عَادِيَتُهُ، وَفَشَا احْتِكَامُهُ وَاهْتِضَامُهُ، وَبَدَتْ فَضَحَاتُهُ، وَتَتَابَعَتْ عَثَرَاتُهُ، وَخِيفَ بِسَبَبِهِ ضَيَاعُ الْبَيْضَةِ، وَتَبَدُّدُ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ نَجِدْ مَنْ نُنَصِّبُهُ لِلْإِمَامَةِ حَتَّى يَنْتَهِضَ لِدَفْعِهِ حَسْبَ مَا يَدْفَعُ الْبُغَاةَ، فَلَا نُطْلِقُ لِلْآحَادِ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ أَنْ يَثُورُوا ; فَإِنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَاصْطُلِمُوا وَأُبِيرُوا، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي ازْدِيَادِ الْمِحَنِ، وَإِثَارَةِ الْفِتَنِ، وَلَكِنْ إِنِ اتَّفَقَ رَجُلٌ طَاعٌ ذُو أَتْبَاعٍ وَأَشْيَاعٍ، وَيَقُومُ مُحْتَسِبًا، آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَانْتَصَبَ بِكِفَايَةِ الْمُسْلِمِينَ مَا دُفِعُوا إِلَيْهِ، فَلْيَمْضِ فِي ذَلِكَ قُدُمًا. وَاللَّهُ نَصِيرُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْمُقَدَّمِ فِي رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، وَالنَّظَرِ فِي الْمَنَاجِحِ، وَمُوَازَنَةِ مَا يُدْفَعُ، وَيَرْتَفِعُ بِمَا يُتَوَقَّعُ." (2)
وهنا يؤكد الإمام الجويني أن وجوب نصب الإمام حكم شرعي معلل بقصد حماية الدولة والقيام بمصالح الأمة، بحراسة الدين، وسياسة الدنيا، فإذا كان وجود الإمام المسلم يفضي إلى خلاف هذا القصد، بحيث يؤدي إلى ضياع الدولة وحقوق الأمة ومصالحها، وجب شرعا خلعه، ونصب إمام قادر على القيام بما وكل إليه؛ إذ ترك الناس بلا إمام خير لهم من إمام يقطع طريقهم، ويسفك دماءهم، ويستحل محارمهم؛ ويسجن خيارهم، إذ الإمامة إنما وجبت لغير هذا القصد، وهذا معنى الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ» [3].

(1) - غياث الأمم في التياث الظلم (ص:106)
(2) - غياث الأمم في التياث الظلم (ص:115)
[3] - صحيح مسلم (3/ 1471) 43 - (1841)
[ش (الإمام جنة) أي كالستر لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين ويمنع الناس بعضهم من بعض ويحمي بيضة الإسلام ويتقيه الناس ويخافون سطوته ومعنى يقاتل من ورائه أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد وينصر عليهم ومعنى يتقى به أي شر العدو وشر أهل الفساد والظلم مطلقا والتاء في يتقى مبدلة من الواو لأن أصلها من الوقاية]
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست