responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 788
يقتل أو يسجن أو يؤذى أو يطرد فإن خصمه قد ذاق ألوان الأذى المعنوي والعذاب النفسي قبل أن يقدم على ما أقدم عليه، بل وأحيانا بعد أن يفعل فعلته، فإنه لا يجد للراحة مكانا، ولا للسعادة طعما، ولذا فإن الحجاج بن يوسف عند ما قتل سعيد بن جبير، ذاق ألوان العذاب النفسي حتى كان لا يهنأ بنوم، ويقوم من فراشه فزعا ويقول: ما لي ولسعيد، حتى مات وهو في همه وغمه.
ولهذا جاء القرآن معبرا عن هذه الحقيقة، كما في سورة آل عمران، فقال -سبحانه-: (وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [سورة آل عمران، الآيتان:119،120].
وقال -سبحانه-: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً) [سورة الأحزاب، الآية:25].
بينما نجد الداعية يعيش في سعادة وهناء، قال الإمام الطبري في قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [سورة الصافات، الآيات:171 - 173] عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} [الصافات:172] يَقُولُ: «بِالْحُجَجِ» وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ بِالسَّعَادَةِ " (1)
وهذا -أيضا- معنى حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -،فعَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (2)
ولذلك قال شيخ الإسلام معبرا عن هذه الحقيقة: ماذا ينقم مني أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، قتلي شهادة، ونفي سياحة، وسجني خلوة.

(1) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (19/ 657)
(2) - صحيح مسلم (4/ 2295) 64 - (2999)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 788
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست