responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 762
الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)} [البقرة:249 - 251]
لقد كانت الحياة كلها تأسن وتتعفن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض. ولولا أن في طبيعة الناس التي فطرهم الله عليها أن تتعارض مصالحهم واتجاهاتهم الظاهرية القريبة، لتنطلق الطاقات كلها تتزاحم وتتغالب وتتدافع، فتنفض عنها الكسل والخمول، وتستجيش ما فيها من مكنونات مذخورة، وتظل أبدا يقظة عاملة، مستنبطة لذخائر الأرض مستخدمة قواها وأسرارها الدفينة .. وفي النهاية يكون الصلاح والخير والنماء .. يكون بقيام الجماعة الخيرة المهتدية المتجردة. تعرف الحق الذي بينه الله لها. وتعرف طريقها إليه واضحا. وتعرف أنها مكلفة بدفع الباطل وإقرار الحق في الأرض. وتعرف أن لا نجاة لها من عذاب الله إلا أن تنهض بهذا الدور النبيل، وإلا أن تحتمل في سبيله ما تحتمل في الأرض طاعة لله وابتغاء لرضاه ..
وهنا يمضي الله أمره، وينفذ قدره، ويجعل كلمة الحق والخير والصلاح هي العليا، ويجعل حصيلة الصراع والتنافس والتدافع في يد القوة الخيرة البانية، التي استجاش الصراع أنبل ما فيها وأكرمه. وأبلغها أقصى درجات الكمال المقدر لها في الحياة.
ومن هنا كانت الفئة القليلة المؤمنة الواثقة بالله تغلب في النهاية وتنتصر. ذلك أنها تمثل إرادة الله العليا في دفع الفساد عن الأرض، وتمكين الصلاح في الحياة. إنها تنتصر لأنها تمثل غاية عليا تستحق الانتصار. (1)
ذلك النصر وعد من الله، فلا بد من تحققه في واقع الحياة: «لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ» فوعده صادر عن إرادته الطليقة، وعن حكمته العميقة. وهو قادر على تحقيقه، لا راد لمشيئته، ولا معقب لحكمه، ولا يكون في الكون إلا ما يشاء.
وتحقيق هذا الوعد طرف من الناموس الأكبر الذي لا يتغير «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ولو بدا في الظاهر أنهم علماء، وأنهم يعرفون الكثير. ذلك أن علمهم

(1) - في ظلال القرآن للسيد قطب-ط1 - ت- علي بن نايف الشحود (ص: 520)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 762
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست