اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 486
ولهذا لم يتخلف الأئمة ولا سلف الأمة عن الجهاد مع أئمة الجور من المسلمين، وقد كان الصحابة، وآل البيت، والعلماء، يغزون، ويجاهدون معهم لما في ذلك من إعزاز الدين، وحماية المسلمين، بخلاف تولي الولاية للكافر الذي يحتل أرض المسلمين، ففيها مظاهرة له، وإعزاز لكلمته، وتقوية لشوكته، وكل ذلك مضادة لحكم الله ورسوله إذ مراد الله هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون {كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40]،ومن لم يفرق بين الأمرين كان كمن يجوِّز القتال مع العدو الكافر، ويجوِّز مظاهرته على المسلمين، قياسا على مشروعية الجهاد مع الإمام الجائر إذا غزا الكفار!
رابعا: أنه ليس في قصة يوسف أي مظاهرة لملك مصر على المسلمين:
إذ لم يكن فيها مسلم أصلا، بل وليس فيها مظاهرة له على أحد من الخلق، بل ولايته لخزائن مصر كانت رحمة بأهل مصر، حيث أقام بينهم العدل والقسط والإصلاح، كما كان يدعوهم إلى الإسلام والوحدانية.
فمن قاس حال من جاء مع جيوش العدو الكافر - يناصرهم على المسلمين، ويشايعهم، ويؤيد كفرهم، ويزين إلحادهم، ويفرض قوانينهم، ويبشر بفلسفتهم - على حال يوسف مع أهل مصر، فقد قال قولا عظيما، وقاس حال ابن العلقمي والطوسي اللذين شايعا التتار حين غزو بغداد في القرن الهجري السابع وتوليا لهم الولايات على حال النبي يوسف الصديق حين تولى الأمر لملك مصر!
------------
تحريم تقليد المفتي فيما أخطأ فيه
أما السؤال عن جواز تقليد من يفتي بمثل هذا القول، فجوابه:
هذه الفتاوى - وما شابهها مما ثبت معارضتها للكتاب والسنة وإجماع الأمة - يحرم بالإجماع العمل بها، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التحذير من الأئمة المضلين كما في الحديث الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأَعْطَانِي الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَإِنِّي
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 486