responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 480
قال ابن حزم في "المحلى":" وَصَحَّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51] إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ مِنْ جُمْلَةِ الْكُفَّارِ فَقَطْ - وَهَذَا حَقٌّ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ." (1)
وقال القرطبي:" الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) أَيْ يَعْضُدْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِهِمْ، وَهُوَ يَمْنَعُ إِثْبَاتَ الْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ الْمُرْتَدِّ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّاهُمِ ابْنُ أُبَيٍّ ثُمَّ هَذَا الْحُكْمُ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي قَطْعِ الْمُوَالَاةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:" وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ"] هود:113] وَقَالَ تَعَالَى فِي" آلِ عِمْرَانَ":" لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ"] آل عمران:28] وَقَالَ تَعَالَى:" لَا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ"] آل عمران:118] وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى" بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ" أي في النصرة" وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" شَرْطٌ وَجَوَابُهُ، أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ كَمَا خَالَفُوا، وَوَجَبَتْ مُعَادَاتُهُ كَمَا وَجَبَتْ مُعَادَاتُهُمْ، وَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ كَمَا وَجَبَتْ لَهُمْ، فَصَارَ منهم أي من أصحابهم. (2)
وقال ابن جرير الطبري " وَهَذَا نَهْي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا الْكُفَّارَ أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا وَظُهُورًا، وَلِذَلِكَ كَسَرَ «يَتَّخِذِ» لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالنَّهْيِ، وَلَكِنَّهُ كَسَرَ الذَّالَ مِنْهُ لِلسَّاكِنِ الَّذِي لَقِيَهُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَتَّخِذُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْكُفَّارَ ظَهْرًا وَأَنْصَارًا، تُوَالُونَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، وَتُظَاهِرُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَدُلُّونَهُمْ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ عَنْ دِينِهِ، وَدُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا فِي سُلْطَانِهِمْ، فَتَخَافُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَتُظْهِرُوا لَهُمُ الْوَلَايَةَ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتُضْمِرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ، وَلَا تُشَايِعُوهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَلَا تُعِينُوهُمْ عَلَى مُسْلِمٍ بِفِعْلٍ " (3)

(1) - المحلى بالآثار (12/ 33)
(2) - تفسير القرطبي (6/ 217)
(3) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/ 315)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 480
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست