5 - وقرر حرية الكلمة لكل إنسان وأن يقول كلمة الحق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا»،ثُمَّ قَالَ: «أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ»،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: «أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً» (2)
وكل هذه الأحكام العملية الفقهية التفصيلية جاءت لحماية حرية الأمة وكرامتها وحقوقها المجتمعية العامة والخاصة ولمنع كل أشكال وصور استبداد السلطة.
حماية الحرية بمفهومها الوطني
وأما الحرية بمفهومها الوطني وهي التي تعني سيادة دار الإسلام ودولته، والاستقلال من الاحتلال الأجنبي ونفوذه، فقد شرع الإسلام أوجب الواجبات بعد الأركان الخمسة وهو الجهاد في سبيل الله، وجعله فرض عين حتى على العبد المملوك دون إذن مولاه، وعلى المرأة دون إذن زوجها [3]،فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190].
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ذِرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا يَنَالُهُ إِلَّا أَفْضَلُهُمْ» (4)
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ " (5)
وذلك لحماية حرية الأمة وسيادتها من سلطان الأجنبي ونفوذه، إذ لا حرية وكرامة للفرد ولا للمجتمع في ظل وطن مسلوب الحرية والسيادة، وكما قال شيخ الإسلام ابن
(1) - سنن أبي داود (4/ 121) (4336) حسن
(2) - صحيح البخاري (3/ 99) (2306)
[ش (فأغلظ) شدد في المطالبة وأثقل بالقول. (فهم به) قصدوه ليؤذوه باللسان أو باليد. (مقالا) صولة الطلب وقوة الحجة. (أمثل) أفضل] [3] - هذا في حالة جهاد الدفع
(4) - الجهاد لابن أبي عاصم (1/ 153) (15) صحيح لغيره
(5) - مسند أحمد ط الرسالة (36/ 375) (22051) صحيح لغيره
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 457