responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 381
قَالَ: وَيَتَوَاعَدُكَ، قَالَ: «لَا أَقْتُلُ مَنْ لَمْ يَقْتُلْنِي» قَالَ: ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ:" لَهُمْ عَلَيْنَا حَسِبْتُهُ قَالَ: ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُهُمُ الْمَسَاجِدَ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا، وَلَا نَمْنَعُهُمُ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيهِمْ مَعَ أَيْدِينَا، وَلَا نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يُقَاتِلُونَا " [1] ...
والمقصود بإقرار الإسلام للتعددية هنا ليس الموافقة لهم، بل تركهم وعدم التعرض لهم.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه الأموال (أَفَلَا تَرَى عَلِيًّا رَأَى لِلْخَوَارِجِ فِي الْفَيْءِ حَقًّا، مَا لَمْ يُظْهِرُوا الْخُرُوجَ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَسُبُّونَهُ وَيَبْلُغُونَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ السَّبِّ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي أُمُورِهِمْ وَمَحَاضَرِهِمْ، حَتَّى صَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ بَعْدُ). (2)
وقد خرجت في الأمة بعد ذلك فرق وأقليات كثيرة تأولت القرآن على غير وجهه، فلم يتعرض لهم الصحابة، ولا من بعدهم، وحكموا لهم بالإسلام العام، وأنهم من أهل القبلة، ما لم يخرجوا على الأمة بالسيف ويستحلوا دماءها، فعصم الله بهذا الفقه الراشدي الأمة من الاقتتال الداخلي، ومن حروب الاضطهاد الديني التي كان يعيشها العالم كله وإلى وقت قريب، بينما ينعم أهل الأديان على اختلاف مللهم ونحلهم بعدل الإسلام ورحمته حتى أخذت أوربا في عصور نهضتها تنحو نحو الخلافة العثمانية في قانون الأقليات وحماية حقوقها وحرياتها، بعد أن كانت حروب الاضطهاد الديني بين الكاثوليك والبرتستانت على أوجها تقضى على الملايين، وتهجر الملايين من أوربا ظلما وعدونا وبغيا!
وهذه من الرحمة العامة التي بعث بها النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]
فسعدت به البشرية والإنسانية كلها وعمتها رحمة الله ببعثته من آمن به ومن لم يؤمن به.
ــــــــ

[1] - الأموال لابن زنجويه (2/ 517) (829) والسنن الكبرى للبيهقي (8/ 319) (16763) حسن
(2) - الأموال لابن زنجويه (2/ 517)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست