responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 320
قَالُوا: لَا، قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَنَا. فَقَالَ: وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ ظَنَنْت أَنّ السّبَاعَ تَأْكُلُنِي بِالْمَدِينَةِ لَأَنْفَذْت هَذَا الْبَعْثَ، وَلَا بَدَأْت بِأَوّلَ مِنْهُ، وَرَسُولُ اللهِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنْ السّمَاءِ يَقُولُ: أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ!
وَلَكِنْ خَصْلَةً، أُكَلّمُ أُسَامَةَ فِي عُمَرَ يَخْلُفُهُ يُقِيمُ عِنْدَنَا، فَإِنّهُ لَا غَنَاءَ بِنَا عَنْهُ. وَاَللهِ، مَا أَدْرِي يَفْعَلُ أُسَامَةُ أَمْ لَا، وَاَللهِ إنْ رَأَى لَا أُكْرِهُهُ! فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ عَزَمَ عَلَى إنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ. وَمَشَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى أُسَامَةَ فِي بَيْتِهِ، وَكَلّمَهُ أَنْ يترك عمر، ففعل أُسَامَةُ، وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: أَذِنْت وَنَفْسَك طَيّبَةٌ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ: نَعَمْ! وَخَرَجَ وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي: عَزْمَةٌ مِنّي أَلّا يَتَخَلّفَ عَنْ أُسَامَةَ مِنْ بَعْثِهِ مَنْ كَانَ اُنْتُدِبَ مَعَهُ فِي حَيَاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فإني لَنْ أُوتَى بِأَحَدٍ أَبْطَأَ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ إلّا أَلْحَقْته بِهِ مَاشِيًا. وَأَرْسَلَ إلَى النّفَرِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الّذِينَ كَانُوا تَكَلّمُوا فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ، فَغَلّظَ عَلَيْهِمْ وَأَخَذَهُمْ بِالْخُرُوجِ، فَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْ الْبَعْثِ إنْسَانٌ وَاحِدٌ.
وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُشَيّعُ أُسَامَةَ وَالْمُسْلِمِينَ، فَلَمّا رَكِبَ أُسَامَةُ مِنْ الْجُرْفِ فِي أَصْحَابِهِ- وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَفِيهِمْ أَلْفُ فَرَسٍ- فَسَارَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى جَنْبِ أُسَامَةَ سَاعَةً، ثُمّ قَالَ: أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَك وَأَمَانَتَك وَخَوَاتِيمَ عَمَلِك، إنّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوصِيك، فَانْفُذْ لِأَمْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فإني لَسْت آمُرُك وَلَا أَنْهَاك عَنْهُ، وَإِنّمَا أَنَا مُنْفِذٌ لِأَمْرٍ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَخَرَجَ سَرِيعًا فَوَطِئَ بِلَادًا هَادِئَةً لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ الْإِسْلَامِ- جُهَيْنَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ قُضَاعَةَ- فَلَمّا نَزَلَ وَادِي الْقُرَى قَدِمَ عَيْنًا لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ حُرَيْثٌ، فَخَرَجَ عَلَى صَدْرِ رَاحِلَتِهِ أَمَامَهُ مُغِذّا حتى انتهى إلى أبنى، فنظر إلَى مَا هُنَاكَ وَارْتَادَ الطّرِيقَ، ثُمّ رَجَعَ سَرِيعًا حَتّى لَقِيَ أُسَامَةَ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ مِنْ أُبْنَى، فَأَخْبَرَهُ أَنّ النّاسَ غَارُونِ وَلَا جُمُوعَ لَهُمْ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُسْرِعَ السّيْرَ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْجُمُوعُ، وَأَنْ يُشِنّهَا غَارَةً " (1)

(1) - حياة الصحابة (2/ 20) وسبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (6/ 249) والروض الأنف ت الوكيل (7/ 583) ومغازي الواقدي (3/ 1121)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست