اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 31
المبحث السادس
الأدلة الشرعية على مشروعية المقاومة السياسية السلمية
أصبحت قضية التغيير والإصلاح السياسي في العالم العربي اليوم القضية الرئيسة في ظل الانخناق السياسي والتخلف الشامل الذي تعيشه المنطقة العربية خاصة وكل الدراسات تؤكد أن العالم العربي سيشهد تحولات جذرية كبرى قد تعصف بمجتمعاته بعد أن فشلت حكوماته فشلا ذريعا في قيادته نحو الإصلاح وهو ما يقتضي طرح رؤى جديدة للإصلاح والتغيير تخفف من حدة هذا التحول القادم والحيلولة دون حدوث الاصطدام والعنف المسلح للمحافظة على السلم الأهلي والانجازات القائمة بعد أن أثبتت التجارب أن استخدام القوة قد لا تحقق بالضرورة النتائج المطلوبة ـ مع التأكيد على مشروعيتها في حد ذاتها إذا توفرت لها شروطهاـ إلا أنه بالإمكان طرح أساليب جديدة قد تكون أكثر فاعلية في تغيير الأنظمة الاستبدادية وإسقاطها دون اللجوء إلى العنف المسلح ويمكن القول بأن الدعوة إلى الإصلاح في القرآن والسنة تقوم أساسا على (التغيير السلمي) أو ما يطلق عليه (اللا عنف) وهذا ظاهر جلي في أكثر النصوص، والأدلة على مشروعيته كثيرة ...
الدليل الأول
تقرير قاعدة الدعوة إلى الإصلاح بالحكمة والموعظة والمجادلة
كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ الْأَمْرِ بِمُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ بِتَلَطُّفٍ وَلِينٍ دُونَ مُخَاشَنَةٍ وَتَعْنِيفٍ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُوعَظَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَهِيَ مُحْكَمَةٌ فِي جِهَةِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَمَنْسُوخَةٌ بِالْقِتَالِ فِي حَقِّ الْكَافِرِينَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَنْ أَمْكَنَتْ مَعَهُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ مِنَ الْكُفَّارِ وَرُجِيَ إِيمَانُهُ بِهَا دُونَ قِتَالٍ فَهِيَ فِيهِ مُحْكَمَةٌ. والله أعلم.) (1)
(1) - تفسير القرطبي (10/ 200)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 31