اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 299
زنكي، وكما في عهد يوسف بن تاشفين المرابطي، ومحمد الفاتح العثماني، وغيرهم من الخلفاء والأمراء، ممن حاولوا الاقتداء بالخلفاء الراشدين وسننهم في سياسة الأمة، واشتهروا بالعدل والشورى، بينما لم تعرف أوربا في تاريخها منذ سقوط أثينا، وقيام الإمبراطورية الرومانية إلا الطغيان السياسي مدة ألفي عام تقريبا!
6 - كما إن الانحراف السياسي في عصور الخلافة الإسلامية العامة، لم يتجاوز كل الأصول القطعية للخطاب الراشدي، وإن تراجع عن بعضها كالشورى ورقابة الأمة على الأموال، إذ ظل عامة الخلفاء والأمراء يلتزمون بالمرجعية القضائية والتشريعية للنظام السياسي الإسلامي، وهو أحد أسباب شيوع العدل في عامة العصور، حيث حد القضاء من طغيان السلطة، التي كانت تحرص على شرعيتها من خلال احترام القضاء، كما لم يفرط الخلفاء في سيادة الأمة واستقلالها وحماية بيضتها، ووحدتها، وحافظوا على (الرسالة) والمهمة للأمة والدولة والخلافة وهو إعلاء كلمة الله والدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيله، حتى في أضعف عصور الخلافة!
7 - أن حاجة الأمة إلى بعث الخطاب الراشدي وأصوله أشد ما تكون في هذا العصر، حيث تعيش الأمة أزمات سياسية أدت إلى ضعفها وسقوطها على نحو غير مسبوق، وقد استطاعت شعوب العالم من حولها أن تستلهم تجاربها التاريخية لتعيد بناء نفسها من جديد، حتى أعادت أوربا اليوم تشكيل واقعها السياسي على أساس (الديمقراطية اليونانية)،و (القوة والوحدة الرومانية)،و (القيم الدينية المسيحية)،فجاء الاتحاد الأوربي اليوم ليستعيد وحدة أوربا التي وحدتها الإمبراطورية الرومانية، واشترط لوحدته أن يقوم على أسس الديمقراطية اليونانية، وأن تظل أوربا ناديا مسيحيا! بينما لا تزال الأمة الإسلامية اليوم تبحث عن هويتها وذاتها، مما يجعل الخطاب الراشدي هو الحل (الأمثل) لمشروع سياسي جديد!
فالمشروع السياسي الإسلامي العقائدي يجب أن يقوم على هذا الأصل الشرعي، وهو الإيمان بضرورة سنن الخلفاء الراشدين - التي كانت التطبيق البشري المحض للخطاب السياسي القرآني والنبوي - واتخاذها النموذج والمعيار للحكم الإسلامي الراشد، ونبذ كل
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 299