responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 173
مَا كَانَ وَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ رَكِبَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ - هُوَ ابْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيّ - إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَوَعَظَهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قُتِلَ عَلَى مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ وَبِحَضْرَةِ سَائِرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُرِيدُ قِتَالَ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَامِلَ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ أَمَرَهُ بِقَبْضِ " الْوَهْطِ " وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ أَخْذَهُ مِنْهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَمَا كَانَ مُعَاوِيَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِيَأْخُذَ ظُلْمًا صُرَاحًا، لَكِنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ تَأَوَّلَهُ بِلَا شَكٍّ، وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَبِسَ السِّلَاحَ لِلْقِتَالِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ: أَنَّ الْخَارِجَةَ عَلَى الْإِمَامِ إذَا خَرَجَتْ سُئِلُوا عَنْ خُرُوجِهِمْ؟ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةٌ ظُلِمُوهَا أُنْصِفُوا، وَإِلَّا دُعُوا إلَى الْفَيْئَةِ، فَإِنْ فَاءُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا، وَلَا نَرَى هَذَا إلَّا قَوْلَ مَالِكٍ أَيْضًا.
فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَرُدَّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا الرَّدَّ إلَيْهِ، إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59].
فَفَعَلْنَا: فَلَمْ نَجِدْ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ فِي قِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ عَلَى الْأُخْرَى بَيْنَ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِ، بَلْ أَمَرَ تَعَالَى بِقِتَالِ مَنْ بَغَى عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ - عُمُومًا - حَتَّى يَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» أَيْضًا - عُمُومٌ - لَمْ يَخُصَّ مَعَهُ سُلْطَانًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي قُرْآنٍ، وَلَا حَدِيثٍ، وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ: بَيْنَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ، أَوْ أُرِيدَ دَمُهُ، أَوْ أُرِيدَ فَرْجُ امْرَأَتِهِ، أَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي الْإِطْلَاقِ عَلَى هَذَا هَلَاكُ الدِّينِ وَأَهْلِهِ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.) (1)
وقال ابن تيمية أيضا (مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَالُوا: يُغْزَى مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا إِذَا كَانَ الْغَزْوُ الَّذِي يَفْعَلُهُ جَائِزًا، فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ

(1) - المحلى بالآثار (11/ 336)
اسم الکتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست