اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 81
تقريبًا من موضع القدمين على السترة [1]، كما ورد في حديث بلال -رضي الله عنه-: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى في الكعبة، وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع [2].
يقول البغوي رحمه الله: (والعمل على هذا عند أهل العلم؛ استحبوا الدنو من السترة، بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفين) [3]، وعلى هذا فينبغي قرب الصف الأول من الإمام؛ لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه. والله أعلم.
السترة في المسجد الحرام:
اعلم أن النصوص الدالة على مشروعية السترة في الصلاة، وتحريم المرور بين يدي المصلي، ووجوب رد المار تشمل المسجد الحرام، فإنها أدلة عامة لا مخصص لها، بل قد ورد في اتخاذ السترة بمكة عمومًا وفي المسجد الحرام خصوصًا أدلة صريحة تؤيد ذلك.
فمنها حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالهاجرة فصلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين، ونصب بين يديه عنزة .. الحديث [4]. وقد بوب عليه البخاري رحمه الله فقال: (باب السترة بمكة وغيرها).
قال ابن حجر في فتح الباري: (فأراد البخاري التنبيه على ضعف الحديث -أي حديث المطلب الآتي- وأنه لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة) قال: (وهذا هو المعروف عند الشافعية وأنه لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها) [5].
وعن جابر -رضي الله عنه- في حديثه الطويل في صفة حج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام- فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] فجعل المقام بينه وبين البيت. فذكر صلاته ركعتين [6].
وعن يحيى بن أبي كثير قال: رأيت أنس بن مالك في المسجد الحرام قد نصب عصا يصلي إليها [7].
وعن صالح بن كيسان قال: رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، ولا يدع أحدًا يمر بين يديه [8].
فهذه نصوص صحيحة صريحة في أن اتخاذ السترة في المسجد الحرام ومكة عمومًا مشروع. وعلى هذا فلا يجوز المرور بين يدي المصلي عامة، ولا أعلم دليلًا يستثني المسجد الحرام، والوعيد في الأحاديث عام يستحقه كل من يمر بين مصلّ في أي مكان.
وأما ما ورد عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طاف بالبيت سبعًا، ثم صلى [1] انظر فتح الباري (1/ 574، 575). [2] أخرجه أحمد (2/ 113)، والنسائي (2/ 63)، وأبو داود (2024)، وإسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. [3] شرح السنة (2/ 447). [4] أخرجه البخاري (479)، ومسلم (503). [5] فتح الباري (1/ 576). [6] أخرجه مسلم (1218). [7] أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 277). [8] أخرجه البخاري معلقًا مختصرًا، وانظر فتح الباري (1/ 581)، وتغليق التعليق (2/ 247)، وانظر في هذا الأثر وما قبله (حجة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، للألباني (ص 24)، ط الثالثة.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد الجزء : 1 صفحة : 81