responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 128
رجل وراءه ربنا ولك الحمد، حمدًا طيبًا مباركًا فيه فلما انصرف قال: "من المتكلم"؟ قال: أنا، قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول" [1].
قال في فتح الباري: (استدل به على جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على من معه) [2] اهـ.
وهذا إذا لم يكن بصفة دائمة وإلا حصل التشويش قطعًا [3]. ومن التشويش أن يكبر المسبوق بصوت مرتفع إذا أراد الدخول في الصلاة، وقد يكون المصلون مع الإمام في السجود، فإذا سمعوا تكبير المسبوق ظنوه تكبير الإمام فرفعوا رؤوسهم قبل أن يرفع الإمام من السجود [4]. ومن التشويش على المصلين -أيضًا- عدم إغلاق الوسائل الحديثة للاتصال كجهاز الهاتف النقال، والنداء، فينبغي للمصلي إغلاقها قبل دخوله المسجد، لئلا يشوش على نفسه وعلى غيره من إخوانه المصلين.
وما تقدم من النهي عن الكلام في المسجد لا يعنى أن الكلام يحرم فيه بل هو مباح -على الراجع من قولي أهل العلم- إذا خلا من المحاذير السابقة، وهي التشويش على المصلين أو الإعراض عن الصلاة والتشاغل عنها، لكن لا بد من ملاحظة أن المساجد لم تبن إلا لذكر الله تعالى والصلاة، وما يتبع ذلك من تدريس العلم، وموعظة الناس، وقد ورد عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: نعم، كثيرًا كان لا يقوم من مصلاه، الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون، ويبتسم [5].
قال القرطبي: (هذا الفعل منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدل على استحباب لزوم موضع صلاة الصبح، للذكر والدعاء إلى طلوع الشمس؛ لأن ذلك الوقت وقت لا يصلّى فيه، وهو بعد صلاة مشهودة، وأشغال اليوم بعد لم تأت، فيقع الذكر والدعاء على فراغ قلب وحضور فهم، فيرتجى فيه قبول الدعاء، وسماع الأذكار .. ).
ثم نقل عن بعض العلماء كراهة الحديث في هذا الوقت، وأن قوله "وكانوا يتحدثون .. " فصل آخر من سيرة أخرى في وقت آخر .. ثم قال: (وهذا فيه نظر، بل يمكن أن يقال: إنهم في ذلك الوقت كانوا يتكلمون؛ لأن الكلام فيه جائز غير ممنوع، اذ لم يرد في ذلك منع، وغاية ما هنالك أن الإقبال في ذلك الوقت على ذكر الله تعالى أفضل وأولى، ولا يلزم من ذلك أن يكون الكلام مطلوب الترك في ذلك الوقت. والله تعالى أعلم) [6].

الحكم الخامس والعشرون في المسألة في المسجد
المساجد بيوت الله تعالى، بنيت لذكره ودعائه وعبادته، لا للتكسب وجمع حطام الدنيا، ولذا منع البيع والشراء، ونشد الضالة، وسائر الصناعات في المساجد؛ لهذا المعنى.
وبناء على ذلك فالمساجد لا تصلح مكانًا للسؤال، وجمع المال، مع ما في ذلك من إيذاء المصلين

[1] أخرجه البخاري (2/ 284).
[2] فتح الباري (2/ 287).
[3] المصدر السابق.
[4] المسجد في الإسلام (ص 83).
[5] أخرجه مسلم (670).
[6] انظر: إكمال المعلم (2/ 646)، والمفهم (2/ 295)، هذا وأما حديث: "الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" فلا أصل له. كما قال العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء" (1/ 152) وكذا قال غيره من أئمة الحديث.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست