responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 129
والذاكرين والتشويش عليهم.
وقد وردت النصوص بجواز إعطاء الفقير من غير مسألة، وذلك بأن يعرف فقره وحاجته، فيعطى زكاة أو صدقة ونحو ذلك، أو تقسم أموال في المسجد، فيعطى مع الناس، فله أن يأخذ ما يأتيه.
ويدل لذلك ما ورد عن أنس -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي بمال من البحرين، فقال: "أنثروه في المسجد" وكان أكثر مال أتي به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله، أعطي، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلًا، فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خذ"، فحثا في ثوبه ثم ذهب يقلّه فلم يستطع، فقال: يا رسول الله، اؤمر بعضهم يرفعه إليّ، قال: "لا"، قال: فارفعه أنت عليّ، قال: "لا" فنثر منه ثم احتمله، فألقاه على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبًا من حرصه فما قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وثمّ منها درهم [1].
وقد بوب البخاري -رحمه الله- على هذا الحديث بقوله: (باب القسمة وتعليق القنو في المسجد).
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: (المقصود بهذا الباب: أن المسجد يجوز أن يوضع فيه أموال الفيء وخمس الغنيمة وأموال الصدقة ونحوها من أموال الله التي تقسم بين مستحقيها) وقال: (وفى الحديث جواز قسمة مال الفيء في المسجد ووضعه فيه، وهو مقصود البخاري بتخريج هذا الحديث فيه) [2].
أما إذا سأل الفقير في المسجد فإن من أهل العلم من منع السؤال والإعطاء مطلقًا، ولعل القائلين بذلك نظروا على العمومات الدالة على صيانة المسجد من كل ما سوى العبادات، وأقرب شيء تقاس المسألة عليه قياسًا جليًا نشد الضالة، والجامع بينهما: البحث والمطالبة بأمر مادي دنيوي، والعلة في المقيس أظهر؛ لأن ناشد الضالة يبحث عن ماله دون شبهة، ومع ذلك أمر الشارع بالدعاء عليه بألا ترد عليه، أما السائل فهو لا يطلب ماله، بل يطلب أموال الناس.
ومن أهل العلم من رخّص إذا كان السائل مضطرًا، ولم يحصل بسؤاله في المسجد ضرر، من إيذاء المصلين والتشويش عليهم، أو المرور بين أيديهم ونحو ذلك [3].
واستدلوا على ذلك بحديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينًا"؟!! فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كسرة خبز بيد عبد الرحمن فأخذتها منه، فدفعتها إليه [4].
قالوا: فهذا دليل على أن الصدقة على الفقير في المسجد ليست مكروهة، وأن السؤال في المسجد جائز؛ لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقرّ أبا بكر -رضي الله عنه- عليها، ولو كانت حرامًا لم يقرّ عليها، بل كان يمنع السائل من العود إلى

[1] أخرجه البخاري (1/ 516 فتح).
[2] فتح الباري لابن رجب (3/ 154).
[3] فتح الباري لابن رجب (3/ 157) الحاوي (1/ 90) أحكام المساجد في الإسلام ص (269).
[4] أخرجه أبو داود (1670) والحاكم (1/ 412) وعنه البيهقي (4/ 199) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
ووافقه الذهبي. وقال النووى في "شرح المهذب" (1/ 176) رواه أبو داود بإسناد جيد وتعقبه الألباني في "الضعيفة" (1458) وحكم على الحديث بأنه منكر؛ لأنه من رواية مبارك بن فضالة.
اسم الکتاب : الجامع لأحكام الصلاة المؤلف : عادل بن سعد    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست