اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 59
وفي قوله سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} وغير ذلك من الآيات ذات الوعيد والتهديد والتشنيع على من يوالي الكفار، ومن المتولين لهم الذين يدخلون دخولاً محققاً في سائر هذه الآيات وغيرها مَن يتجسس لهم على المسلمين، فهؤلاء الجواسيس ليسوا من الله في شيء، وهم ممن تولوهم، وقد ضلوا سواء السبيل، وسخط الله عليهم، وإن ماتوا على حالتهم ولم يتوبوا ويؤوبوا ففي العذاب هم خالدون، نسأل الله العافية. (1)
ــــــــ
بعض صور التجسس تعد مظاهرة للكفار على المسلمين:
وبما أنه قد تقرر لدينا فيما سبق أن التجسس للكفار على المسلمين ليستعينوا بذلك في حربهم لهم يعني بالضرورة اتخاذهم أولياء وأنصاراً، وهو من مظاهرتهم ومناصرتهم ومعاضدتهم بقي أن تعرف أن حكم مظاهرتهم هو الكفر الأكبر المخرج من الملة.
والمظاهرة التي نقصدها هي: معاونتهم في أي أمرٍ من الأمور التي يكون فيها ضررٌ بالإسلام والمسلمين سواء كانت تلك المعاونة بالرأي، أو بالمال، أو بالسلاح، أو بالنفس، أو بالكتابة، أوبالتجسس أو غيرها، فلا بد -عند الحديث- عن المظاهرة المخرجة من الملة من الاعتناء بهذه القيود المهمة التي يتحدد بها المعنى بوضوح، لاسيما استحضار كون تلك المعاونة والمظاهرة إنما هي على الإسلام والمسلمين، كما قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف: [وأما مظاهرة الكفار على المسلمين، فالمقصود بها أن يكون أولئك أنصاراً وظهوراً وأعواناً للكفار ضد المسلمين، فينضمون إليهم، ويذبون عنهم بالمال والسنان والبيان، فهذا كفر يناقض الإيمان"] (2)
ولا أقصد بذلك الحديث عن الدافع الذي يحرك المظاهر والمعين والمعاون وهل هو لأجل دينهم أو طلب شيء من أمور الدنيا، فقد أشرت إلى بطلان ذلك قريباً وأنه لا فرق بين الأمرين، والشرع لم ينظر إلى تلك الدوافع القلبية المستترة التي لا يطلع عليها إلا علام الغيوب، وإنما المقصود أن تكون معاونتهم منصبة ومتجهة نحو الإضرار بالإسلام
(1) - المعلم في حكم الجاسوس المسلم (ص: 31)
(2) - نواقض الإيمان القولية والعملية (2/ 103)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 59