responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 58
عليه راضٍ)،فلو كان ما ذهب إليه بعض العصريين من أن مظاهرة الكفار على المسلمين طلباً للدنيا لا تعد كفراً استدلالاً بما اقتُطع من كلام ابن جرير -لما كان ثمة فائدة من هذا التعليل الذي ذكره أخيراً، إذ يمكن أن يُتصور وجود نقيضه، وهو من يتولاهم وينصرهم على المؤمنين ولا يكون بذلك من أهل دينهم وملتهم، فيتدافع ما قرره هنا مع ما فهمه أولئك هناك، وهذا مسلكٌ رديٌ في استيعاب أقوال الأئمة والتوفيق بين كلامهم.
الدليل الخامس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة/23]
قال العلامة البغوي -رحمه الله-: [قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي التِّسْعَةِ الَّذِينَ ارْتَدَوْا عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقُوا بِمَكَّةَ، فَنَهَى اللَّهُ عَنْ وِلَايَتِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ} (3) بِطَانَةً وَأَصْدِقَاءَ فَتُفْشُونَ إِلَيْهِمْ أَسْرَارَكُمْ وَتُؤْثِرُونَ الْمَقَامَ مَعَهُمْ عَلَى الْهِجْرَةِ، {إِنِ اسْتَحَبُّوا} اخْتَارُوا {الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ} فَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤَثِرُ الْمُقَامَ مَعَهُمْ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يُقْبَلُ الْإِيمَانُ إِلَّا مِنْ مُهَاجِرٍ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}] (1)
وبالجملة فإن كل الآيات القرآنية التي تنهى عن موالاة الكفار، وتحذر منها، وتذم أهلها، وتشنع عليهم يدخل فيها قطعاً مَن ينقل إليهم أخبار المسلمين، ويدلهم على عوراتهم، ويُعْلِمهم بأسرارهم، وهذه هي مهنة الجواسيس، فكل جاسوسٍ متصفٍ بما ذكرنا يعدُّ متخذاً الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومناصراً لهم عليهم، فيلحقه كل وصفٍ أو تهديدٍ أو وعيدٍ جاء في حق من يوالي الكافرين. فهو داخل في قوله تعالى: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} وفي قوله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وفي قوله سبحانه وتعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)} [المائدة]

(1) - تفسير البغوي - طيبة (4/ 24)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست