اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 159
والدين لينفع أولياءه بسبب حسن ظن المسلمين بهم، وقد جعلوا أنفسهم عيوناً مبصرة لقوات الصليب، فإلى الله المشتكى من عِظم ما دهى الإسلام!
الثاني: كثرة هؤلاء الجواسيس، وانتشارهم انتشاراً كبيراً في كل ساحات الجهاد، فاكتظت بهم المدن، والقرى، والأرياف، والأسواق، فلا يكاد المجاهدون يتسللون إلى منطقة من المناطق في ظلام الليل الدامس إلا ودهمتم قوات الصليب وأعوانهم عند الغلس، فيُقتَل من يقتل منهم ويأسر من يأسر، ومن المؤكد أن ما يُنفق على (الجيوش الخفية) هو أكثر بكثير مما يُنفَق على القوات العسكرية، وذلك لأهميتها أولاً ولكثرتها ثانياً.
الثالث: تسارع أحداث التقتيل والأسر والتدمير المبنية على معلومات الجواسيس، وتتابعها بصورة كبيرة لا يمكن معها النظر في كل حادثة بصورة جزئية متأنية وبحثها بحثاً قضائياً خالصاً، ويكفينا أن نصفها بأنها (حربٌ مفتوحة) على جبهات واسعة وساحات شاسعة.
ثم إن المطلوب ليس فقط المعاقبة والمجازاة على حوادث وقعت وانتهت من قصف أو تدمير أو قتل أو أسر، بل إن المقصود الأول والأساس هو الحيلولة دون وقوع مثل هذه المصائب ابتداءً، وكف شر هؤلاء الجواسيس حتى لا يحصل من وراء معلوماتهم من التقتيل والاعتقالات والفساد ما نراه كل يوم، فلا يجب على المجاهدين أن ينتظروا ويترقبوا ويكفوا أيديهم عن هؤلاء المجرمين حتى إذا وقعت الواقعة ونزلت المصيبة فعندها -وعندها فقط - يستنفرون في طلب مَن كان وراءها والبحث عن مَن شارك فيها، بل الواجب عليهم أصالة وابتداء هو كف فتنتهم وقطع دابرهم ودوام تتبعهم ومطاردتهم واستمرار ملاحقتهم، ليحفظوا أنفسهم ويحافظوا على مراكزهم ويكسروا شوكة عدوهم استجابة لأمر الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال:39].
الرابع: أن الغالب من حال المجاهدين والشائعَ في صور جهادهم هو الكر والفر، وكثرة التنقل وتتابع الحركة، وكل ما بأيديهم من الأراضي والمناطق فتمكّنهم فيها تمكنٌ ناقصٌ، واحترازهم فيها احتراز دائم، فقصف الأعداء وغاراتهم وإنزالاتهم -التي تعتمد على أخبار الجواسيس- لا تكاد تنقطع، ولهذا فإن المجاهدين -قادة وأفراداً- الذين قتلوا في مثل
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 159