اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 158
وجنودهم إنما قتلوا أو أُسِروا بناء على معلومات (استخباراتية) تحصلت عليها القوات الكافرة من الجنود الأخفياء الذين بثتهم كالجراد المنتشر ممن هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويتظاهرون بالانتساب إلى ديننا.
كما أننا نعلم يقيناً أن الاقتصار على خوض المعارك مع القوات العسكرية العلنية وحصر المواجهات في الاقتحامات والغارات والكمائن والتفخيخ ونحوها -مع التغاضي عن مواجهة هذه (الجيوش الخفية) - كل ذلك غير كافٍ وحده في جبهات قد اتخذت وسائل متعددة وصوراً متنوعة وجيوشاً مختلفة عسكرية، واستخباراتية (تجسسية)،وإعلامية، واقتصادية، وفكرية وغيرها، فهي معركة لا ساحل لها بحيث تعد من أشرس ما خاضه المسلمون ضد القوات التي دهمت أرضهم.
فكان لزاماً على المجاهدين -في كل الساحات- أن يستأصلوا هذا الورم السرطاني الاستخباراتي الذي يمد الجيوش الكافرة بالمعلومات مداً، وأن يشنوا عليهم حرباً ضروساً لا تقل شراسة عما يخوضونه ضد القوات العسكرية العلنية، وأن يتتبعوا هؤلاء الجواسيس تتبعاً يكافئ جريمتهم التي يقترفونها في حق الإسلام والمسلمين، وأن يغلظوا عليهم أيما غلظة اقتداء بنبيهم - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله له في موضعين من كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة:73].
بيد أن أصعب ما يواجه المجاهدين في خوض هذه (الحرب الشرسة) هو كيفية إثبات جريمة التجسس في حق الواحد منهم إثباتاً شرعياً ينبني عليه الحكم من قتلٍ أو غيره، وأسباب هذه الصعوبات تكمن في عدة أمور:
الأول: شدة تخفي هؤلاء الجواسيس، وتقلبهم وتنقلهم في أنواع الصفات والأحوال التي يتلبسون بها، وكما ذكرت في مقدمة هذا البحث فإن المقصود الأول من مهمتهم هو كيفية تحصيل المعلومة ومن ثَم نقلها إلى أوليائهم الكفرة، وعليه فلا حاجة للعناية بثقافة، ولا شهادة، ولا تعليم، ولا مظهرٍ، ولا وظيفة، ولا لون، ولا جنس، ولا لياقة، ولا لباقة، بل لقد سمعت من بعض المجاهدين أنهم عثروا على أخبث الجواسيس وهم ممن ينتسبون إلى العلم
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 158