اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 145
جيوش الصليب وأذنابهم هذا التمكن إلا بمساعدة وإعانة ومعلومات جواسيسهم التي تتدفق عليهم لحظة بلحظة كالسيل والله المستعان.
وقد تعقب العلامة ابن حجر الهيتمي الإمامَ الذهبي في قوله بتعين القتل مع تسليمه بقباحة وفداحة هذه المفاسد فقال: [(الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ) دَلِيلُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَيْهِمْ فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إلَى حَامِلَةِ الْكِتَابِ عَلِيًّا وَالْمِقْدَادَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَأَخَذَاهُ مِنْهَا قَهْرًا بَعْدَ أَنْ بَالَغَتْ فِي إنْكَارِهِ وَإِخْفَائِهِ، فَلَمَّا جَاءَا بِهِ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُرِئَ عَلَيْهِ. قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَمَنَعَهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَتْلِهِ لِكَوْنِهِ شَهِدَ بَدْرًا». فَإِنْ تَرَتَّبَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ وَهْنٌ لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِأَهْلِهِ، أَوْ قَتْلٌ أَوْ سَبْيٌ أَوْ نَهْبٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ وَأَقْبَحِهَا لِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَأَهْلَكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ فَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتَعَيَّنُ قَتْلُ فَاعِلِ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ عَلَى إطْلَاقِهِ.] (1)
فمخالفته إنما هي في إطلاق القول بتعين قتله، لا إنزال هذه العقوبة به أحياناً إن عظمت مفسدته والله أعلم.
جاء في النوازل الكبرى [ ... (ومنهم من لجأ للمسلمين وصار يقاتل العدو معهم وهو مع ذلك يعين العدو خفية، ويعلمه بأحوال عساكر المسلمين، ويطلعه على عوارتهم، ويتربص بهم الدوائر، وقد اطلع لهم على كتب كتبها في ذلك الوقت كثير من مشايخهم المعروفين عندهم بالأجداد، يذكرون العدو وعهده، ويعلمونه ببقائهم عليه، وانتظارهم الفرج، مع تضعيفهم لجيوش المسلمين وتوهينهم إياهم؛ وحكم أولئك حكم الزنادقة، إن اطلع عليهم قتلوا وإلا فأمرهم إلى الله تعالى)] [2].
ومن العلماء المعاصرين الذين ذهبوا إلى وجوب قتل الجاسوسِ الشيخُ محمد الصالح العثيمين -رحمه الله- حيث قال: [بل إن الجاسوس وإن كان مسلماً يجب أن يقتل إذا تجسس
(1) - الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 296) [2] - النوازل الكبرى (3/ 78 - 81)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 145