اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 133
على المسلمين عنهم؛ وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول مالك: أرى فيه اجتهاد الإمام (أي) بين أن يقتله أو يصلبه] (1)
وهو الذي ذهب إليه العلامة التسولي -رحمه الله- حيث قال: [أما عقوبة الجاسوس فتكون بالقتل، ولا تقبل له توبة] (2)
فكأنهم نظروا إلى تحتم دفع ضرره وقطع دابر شره، وإلى عدم التيقن من حقيقة توتبته وصدق مناصحته وسلامة طويته؛ فحكموا بوجوب قتله لذلك.
القول الثالث: أن حكمه حكم المرتد يُستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
وقد ذهب إلى هذا القول الإمام ابن وهب من المالكية، قال العلامة ابن عاشور وهو يعدد أقوال مذهب مالك في حكم الجاسوس: [وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ رِدَّةٌ وَيُسْتَتَابُ] (3)
وقال البدر العيني: [وَقَالَ ابْن وهب من الْمَالِكِيَّة يقتل إِلَّا أَن يَتُوب] (4)
وقال النووي:" وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَبَعْضُهُمْ يُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ" (5)
ومأخذُهُ واضحٌ وهو عدُّ التجسس موالاةً مكفرة (مظاهرة للكفار على المسلمين)،وفي هذا ردٌّ على من حكى إجماع العلماء على عدم تكفير المسلم إذا جسَّ للكفار، لاسيما وأن عبد الله بن وهب من الأئمة الأثبات من أصحاب مالك الذين جمعوا بين الفقه والحديث والعبادة وكانت وفاته 197هـ، وقد رأينا أن كلام الإمام ابن القاسم -رحمه لله- محتملٌ للحكم على الجاسوس بأشد أنواع الكفر وهو الزندقة.
القول الرابع: أن أمره راجع إلى اجتهاد الإمام فيعاقبه بما يراه مناسباً من قتلٍ فما دونه، وهو قول الإمام مالك رحمه الله
ومثله قول الإمام ابن عقيل الحنبلي -رحمه الله- حيث يرى جواز قتل الجاسوس المسلم.
(1) - البيان والتحصيل (2/ 537)
(2) - (أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر الجزائري115).
(3) - التحرير والتنوير (3/ 219)
(4) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 256) وشرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 164)
(5) - شرح النووي على مسلم (16/ 55)
اسم الکتاب : الخلاصة في أحكام التجسس المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 133