بينها عند أهل التحقيق، وحاصلها أن [سنة] الضحى سنة مؤكدة ... )) [1].
فالصواب أن المواظبة عليها سنة مؤكدة [2]؛ لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، ولبيانه لفضلها، وقد صلاها - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة رضي الله عنها حينما سُئلت كم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الضحى؟ قالت: ((أربع ركعات ويزيد ما شاء الله)). وفي رواية: ((ما شاء)) [3].
2 - فضل صلاة الضحى ثابت في الأحاديث الصحيحة؛ للأحاديث الآتية:
الأول: حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يصبح على كل سُلامَى [4] من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن [1] شرح النووي على صحيح مسلم،5/ 237،وانظر: فتح الباري، لابن حجر،3/ 57. [2] أما ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط؛ وإني لأسبحها، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم)) [البخاري، برقم 1228، ومسلم، برقم 718]، وحديثها الآخر حينما سُئلت: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: ((لا، إلا أن يجيء من مغيبة))، [مسلم، برقم 717]. وحديثها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ((أربع ركعات ويزيد ما شاء الله))، فنفي عائشة رضي الله عنها فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الضحى، وإثباتها لذلك لا تعارض بينهما، فإنما أثبتته لم تره وإنما بلغها أنه كان يصلي الضحى أربعاً، أما النفي فهي لم تره يفعلها إلا إذا قدم من مغيبه، وأخبرت أنها كانت تفعلها كأنه استناد إلى ما بلغها من الحث عليها، ومن فعله - صلى الله عليه وسلم - لها، فألفاظها لا تتعارض. انظر: سبل السلام للصنعاني، 3/ 60،وقال الشوكاني في نيل الأوطار، 2/ 256: ((وغاية الأمر أنها أخبرت عما بلغ إليه علمها، وغيرها من الصحابة أخبر بما يدل على المداومة وتأكد المشروعية، ومن علم حجة على من لم يعلم، لا سيما، وذلك الوقت الذي تفعل فيه ليس من الأوقات التي تعتاد فيها الخلوة بالنساء)).
وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم415 - 417 يقول: ((والجمع بين الروايات أن يقال: إن الإثبات كان أولاً ثم نسيت، أو أن النفي كان أولاً ثم ذكرت، وما أثبتت من حجة مقدم على ما نفت، كما لو كان عن صحابيين فالمثبت مقدم على النافي)). [3] مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى، برقم 719. [4] سُلامى: أصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 242.