ثانيًا: سجود السهو قبل السلام في مواضع وبعده في مواضع:
ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد للسهو قبل السلام في مواضع، وبعده في مواضع [1].فما سجد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام أو أمر به، يُسجد فيه قبله، كسجود السهو لمن ترك التشهد الأول، وسجود السهو لمن شك وبنى على اليقين، وما سجد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد السلام أو أمر به، يُسجد فيه بعده: كسجود السهو لمن سلم قبل تمام الصلاة، أو ذُكّر بالزيادة في صلاته بعد السلام، أو شك وبنى على غالب ظنه، كما دلّت عليه الأحاديث في أوّل المبحث، والأمر في ذلك واسع، فيجوز السجود قبل السلام وبعده [2] لكن الأفضل أن يكون السجود قبل السلام إلا في حالتين:
الحالة الأولى: إذا سلم عن نقص أو ذُكّر بالزيادة بعد السلام، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك؛ لحديث أبي هريرة [3] وعمران بن حصين [4] وعبد الله بن مسعود [5] - رضي الله عنهم -.
الحالة الثانية: إذا شك ولكنه بنى على غالب ظنه؛ لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - [6] واختار هذا الإمام ابن باز - رحمه الله - [7]. والمسألة خلافية عند أهل العلم لكن هذا هو الأفضل [8]. [1] انظر: زاد المعاد لابن القيم، 1/ 289. [2] انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/ 290، وسبل السلام للصنعاني، 2/ 369 - 371، ومجموع فتاوى ابن تيمية، 23/ 36، ومجموع فتاوى الإمام ابن باز، جمع الطيار، كتاب الصلاة، ص184، وجمع الشويعر، 11/ 267. [3] متفق عليه: البخاري، برقم 1229، ومسلم، برقم 573، وتقدم تخريجه. [4] مسلم، برقم 574، وتقدم تخريجه. [5] متفق عليه: البخاري، برقم 401، ومسلم، برقم 572. [6] متفق عليه: البخاري، برقم 401، ومسلم، برقم 572، وتقدم تخريجه. [7] انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للإمام ابن باز، 11/ 267. [8] اختلف العلماء - رحمهم الله - في موضع سجود السهو على أقوال: [1] - مذهب الإمام الشافعي: سجود السهو كله قبل السلام. [2] - مذهب الإمام أبي حنيفة: كله بعد السلام. [3] - مذهب الإمام مالك: السجود للزيادة بعد السلام، وللنقص قبله. [4] - مذهب الإمام أحمد: السجود قبل السلام إلا في موضعين: إذا سلم عن نقص، أو بنى على غالب ظنه فيكون بعد السلام. فهذا فيه استعمال كل حديث كما ورد، وما لم يرد فيه شيء يسجد قبل السلام.
انظر: المغني، لابن قدامة، 2/ 415، وفتاوى ابن تيمية، 23/ 17 - 26، وزاد المعاد، لابن القيم، 1/ 289، وسبل السلام، للصنعاني، 2/ 369 - 371، ونيل الأوطار، للشوكاني، وذكر تسعة أقوال، 2/ 321 - 324، واختار الإمام ابن تيمية: أن الأظهر: التفريق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحري، والشك مع البناء على اليقين، وقال: هذا رواية عن أحمد وقول مالك قريب منه. فإذا كان السجود لنقص أو شك وبنى على اليقين سجد قبل السلام، وإذا كان السجود لزيادة أو بنى على غالب ظنه سجد بعد السلام. انظر: فتاوى ابن تيمية، 23/ 24، والاختيارات الفقهية له، ص93، والشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 466.