قلت: ويدل على هذا الجمع حديث عبد الله بن أبي قيس رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها أنه سألها في حديث طويل، وفيه أنه سألها عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ... فقلت: كيف كانت قراءته: أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ قالت: ((كل ذلك قد كان يفعل: قد كان ربما أسر، وربما جهر))، قال: فقلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعةً ... )) [1].
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: ((يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلّي تخفض صوتك؟))، قال: قد أسمعت من ناجيتُ يا رسول الله!، قال: ((ارفع قليلاً))، وقال لعمر: ((مررت بك وأنت تصلّي رافعاً صوتك؟))، قال: يا رسول الله أُوقظ الوسنان [2]، وأطرد الشيطان! قال: ((اخفض قليلاً)) [3].
السبب السادس والثلاثون: سجود التلاوة في الصلاة:
مما يجلب الخشوع في الصلاة سجود التلاوة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله [وفي رواية يا ويلي] أُمر ابن آدم بالسجود [1] الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في قراءة الليل، برقم 449، وفي كتاب ثواب القرآن، باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 2924، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب في وتر النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 1437، والنسائي، صلاة الليل، باب كيف القراءة بالليل، برقم 1662، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 395، وفي صحيح سنن الترمذي، 3/ 168، وفي غيرهما. وانظر: أحاديث في الباب: صحيح سنن أبي داود، برقم 1327 - 1333. [2] الوسنان: النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. [النهاية، 5/ 186]. [3] أبو داود، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالقراءة في الصلاة، برقم 1329، والترمذي كتاب الصلاة، باب ما جاء في القراءة بالليل، برقم 447، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 1/ 254، وفي صحيح سنن أبي داود، 1/ 364.