ومن أصحاب هذه الدرجة من قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهِمْ رَاجِعُونَ} [1]، قالت عائشة:
يا رسول، أهو الذي يزني، ويسرق، ويشرب الخمر؟ قال: ((لا يا ابنة أبي بكر))، أو ((يا بنت الصديق)) ولكنه الرجل يصوم، ويتصدّق، ويُصلّي، وهو يخاف أن لا يُتقبَّل منه)) [2].
التاسع عشر: فوائد الخشوع في الصلاة
الخشوع في الصلاة له فوائد كثيرة منها الفوائد الآتية:
1 - الخشوع يجعل الصلاة محبوبة يسيرة على المصلي، قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} [3].
قال العلامة السعدي رحمه الله: ((وإنها)) أي الصلاة ((لكبيرة)) أي شاقة ((إلا على الخاشعين)) فإنها سهلة عليهم، خفيفة؛ لأن الخشوع وخشية الله، ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحاً صدره؛ لترقُّبه للثواب، وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك؛ فإنه لا داعي له يدعوه إليها، وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه ... ؛ ولهذا قال: ((الَّذِينَ يَظُنُّونَ)) أي يستيقنون ((أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبّهِمْ)) فيجازيهم بأعمالهم ((وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون)) فهذا الذي خفف عليهم العبادات، وأوجب لهم التسلّي في المصيبات، ونفّس عنهم الكربات، وزجرهم عن فعل السيئات، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات، وأما من لم [1] سورة المؤمنون، الآية: 60. [2] ابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوقي في العمل، برقم 4198، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، بابٌ ومن سورة المؤمنون، برقم 3175، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 409، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 162. [3] سورة البقرة، الآيتان: 45 - 46.