وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخّرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة)) [1].
الحادي عشر: الصلاة بخشوع: قرّةٌ للعين وراحةٌ للقلب
لا شك أن الصلاة قرة لعين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وراحة لقلبه وروحه؛ لحلاوة مناجاته لربّه؛ ولخشوعه، وحضور قلبه بين يدي الله تعالى، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حُبّبَ إلَيَّ: النّسَاءُ، وَالطّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) [2].
وقوله ((حبب إلي النساء .. )) قيل: إنما حُبّبَ إليه النساء لينقلن عنه من أمور الشريعة ما لا يطّلع عليه الرجال، ومن أحواله ويستحيا من ذكره، وقد جعل الله له نسوة ينقلن: أحكام الحيض، والنفاس، والغسل، والعدة، وينقلن من الشرع ما يشاهدنه من أفعاله - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: حبب إليه زيادة في الابتلاء والاختبار، والتكليف، فيكون ذلك أكثر لمشاقّه، وأعظم لأجره، وقيل غير ذلك والعلم عند الله تعالى [3]. [1] فتح الباري، لابن حجر، 2/ 14. [2] النسائي بلفظه، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم 3940، وأحمد برقم 12293، 13057، وفي لفظ للنسائي، برقم 3939، وأحمد برقم 12294، 14037: ((حُبّبَ إليَّ من الدنيا: النساء، والطيب، وجُعِلَ قُرَّةُ عيني في الصلاة))، والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي، 3/ 827، وسمعت شيخنا ابن باز أثناء تقريره على سنن النسائي، 7/ 61: يقول: ((لا بأس بإسناده، أما من قال: حبب إلي من دنياك ثلاث، فهذا لا يصح؛ لأن الصلاة ليست من الدنيا، أما قوله: ((حُبّبَ إليَّ من الدنيا: النساء، والطيب، وجُعلت قرّة عيني في الصلاة)) فلا إشكال فيه)).
وقوله: ((حُبّب إليَّ من الدنيا .. )) قال المناوي في ((فيض القدير)) 3/ 370: ((زاد الزمخشري، والقاضي لفظ: ((ثلاث)) [أي حُبّبَ إليّ من الدنيا ثلاث]، وهو وهم، قال الحافظ العراقي في ((أماليه)): لفظ (ثلاث) ليست في شيء من كتب الحديث، وهي تفسد المعنى، وقال الزركشي: لم يرد فيه لفظ ((ثلاثة))، وزيادتها مُخِلَّة للمعنى؛ فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقال ابن حجر في تخريج ((الكشاف)): لم يقع في شيء من طرقه [انظر: حاشية محققي مسند الإمام أحمد، 19/ 307]. [3] انظر: شرح السيوطي على سنن النسائي وحاشية السندي، 7/ 63 - 64.