لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المسيء صلاته بعد أن علَّمه الركعة الأولى: ((ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) [1].
28 - يجلس في التشهد الأخير متورّكاً[2]؛لحديث أبي حُميد الساعدي - رضي الله عنه - وفيه: ((فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله
اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله
اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته)) [3]. وفي لفظ:
((حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخّر رجله اليسرى وقعد متوركًا على شقه الأيسر)) قالوا: صدقت هكذا كان يصلي - صلى الله عليه وسلم - [4] وهذا هو الأفضل: أن يفترش في التشهد الأول [5]، ويتورك في الأخير (6) [1] البخاري، برقم 824، ومسلم، برقم 397، وتقدم تخريجه. [2] اختلف أهل العلم في موضع التورك في أي التشهدين يكون: [1] - قال قوم: يتورك في التشهد الأول والثاني، وهذا مذهب مالك - رحمه الله -. [2] - وقال قوم: يفترش اليسرى فيهما وينصب اليمنى، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله -. [3] - وقال قوم: يتورك في كل تشهد يليه السلام ويفترش في غيره، وهو قول الشافعي - رحمه الله -. [4] - وقال قوم: يتورك في كل صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما، ويفترش في غير ذلك، وهو قول الإمام أحمد - رحمه الله -. انظر: زاد المعاد لابن القيم 1/ 243، وشرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 84، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/ 54، والمغني لابن قدامة، 2/ 225، 226، 227، 228، وقال النووي: ((ومذهب الشافعي يفترش في الأول ويتورك في الأخير ووافق الأقوال السابقة إلا أنه لم يذكر مذهب الإمام أحمد. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 84. [3] البخاري، كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد، برقم 828. [4] أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الافتتاح، رقم 730،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 141. [5] قال الإمام النووي رحمه الله: ((وقد سبق اختلاف العلماء في أن الأفضل في الجلوس في التشهدين التورك أم الافتراش، فمذهب مالك وطائفة تفضيل التورك فيهما، ومذهب أبي حنيفة وطائفة تفضيل الافتراش، ومذهب الشافعي ... وطائفة يفترش في الأول ويتورك في الأخير، لحديث أبي حميد الساعدي ورفقته في صحيح البخاري، وهو صريح في الفرق بين التشهدين، قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: ((والأحاديث الواردة بتورك أو افتراش مطلقة لم يبين فيها أنه في التشهدين أو أحدهما وقد بيّنه أبو حميد ورفقته ووصفوا الافتراش في الأول والتورك في الأخير، وهذا مبين فوجب حمل ذلك المجمل عليه والله أعلم)). شرح النووي، 5/ 84.
(6) وقيل: جاء التورك على ثلاثة أنواع هي:
النوع الأول: يخرج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة ويجلس على مقعدته على الأرض وتكون الرجل اليمنى منصوبة؛ لحديث أبي حميد وفيه: ((وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته)). البخاري، برقم 828، وفي رواية: ((حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخَّر رجله اليسرى وقعد متوركًا على شِقّه الأيسر)) أبو داود، برقم 730، ورقم 963، 964.
النوع الثاني: يجلس متوركًا ويفرش القدمين جميعًا ويخرجهما من الجانب الأيمن، لحديث أبي حميد وفيه: ((فإذا كانت الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة)) أبو داود، برقم 965، ورقم 731، وابن حبان ((موارد)) برقم 491، وانظر: صحيح ابن خزيمة،
1/ 347، وابن حبان ((إحسان))، برقم 1867، والبيهقي، 2/ 128، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص197.
النوع الثالث: يفرش قدمه اليمنى ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى؛ لحديث عبد الله بن الزبير عن أبيه يرفعه: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى)). مسلم، برقم 579، قال الإمام ابن القيم: ولعله كان يفعل هذا تارة، وهذا تارة، زاد المعاد، 1/ 253، وقال العلامة ابن عثيمين: ((وعلى هذا ينبغي أن يفعل الإنسان هذا مرة، وهذا مرة))، وهذا بناء على القاعدة: أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة ينبغي أن تفعل على جميع الوجوه الواردة؛ لأن هذا أبلغ في الاتباع، من الاقتصار على شيء واحد، انظر: الشرح الممتع، 3/ 300، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 22/ 335 - 337، والمغني لابن قدامة، 2/ 227 - 228، وصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للألباني، ص997، ونيل الأوطار، 2/ 54 - 55.