قال: فقيل لي: سيد بنى دارًا فصنع مأدبة وأرسل داعيًا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يطعم من المأدبة وسخط عليه السيد. قال: فالله السيد ومحمد الداعي والدار الإسلام والمأدبة الجنة» رواه الدارمي والطبراني، قال الهيثمي: وإسناده حسن. وقال الحافظ ابن حجر في "كتاب الاعتصام" من "فتح الباري": سنده جيد.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه ثم خط عليه خطًا ثم قال: «لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك»، قال: ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أراد فبينا أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط [1] أشعارهم وأجسامهم لا أرى عورة ولا أرى قِشْرًا [2] وينتهون إليّ لا يجاوزون الخط ثم يصدرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان من آخر الليل، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جاءني وأنا جالس فقال: «لقد أراني منذ الليلة» ثم دخلي عليّ في خطي فتوسد فخذي فرقد وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رقد نفخ فبينا أنا قاعد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوسد فخذي إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض، الله أعلم ما بهم من الجمال فانتهوا إليّ فجلس طائفة منهم عند رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطائفة منهم عند رجليه، ثم قالوا بينهم: ما رأينا عبدًا قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي، إن عينيه تنامان وقلبه يقظان، اضربوا له مثلاً مثل سيد بنى قصرًا ثم جعل مأدبة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذبه، ثم ارتفعوا واستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك فقال: «سمعت ما قال هؤلاء؟ وهل تدري من هؤلاء؟»، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «هم [1] الزط: جنس من السودان والهنود. [2] القشر اللباس. قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" ومنه حديث ابن مسعود ليلة الجن، لا أرى عورة ولا قشرًا، أي لا أرى منهم عورة منكشفة ولا أرى عليهم ثيابًا.