وأجيب: بعدم التسليم؛ لعدم الدليل على النسخ كما تقدم [2].
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: أن حكم إعطاء المؤلفة قلوبهم قد نسخ [3]، واختلفوا في تحديد الناسخ، فقيل: نُسِخَ بإجماع الصحابة، حيث لم يعط أبو بكر وعمر المؤلفة قلوبهم من الصدقات، ولم ينكر عليهم بقية الصحابة، فكان إجماعًا [4].
وقيل: إن الناسخ قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] [5] حيث قالها عمر لعيينة بن حصن وكان من المؤلفة قلوبهم، وأراد بذلك أن يمنعه من الأخذ من سهم المؤلفة [6].
وقيل: إن الناسخ قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" [7]. [1] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 45، فتح القدير 2/ 261. [2] وسيأتي مزيد بيان لاستدلالهم بالنسخ مع المناقشة، في أدلة القول الثاني. [3] عُرِّفَ النسخ بتعريفات، منها تعريفه في المستصفى (86) بأنه: "الخطاب الدالُّ على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجهٍ لولاه لكان ثابتًا به مع تراخيه عنه"، وأخصر منه تعريفه في الكوكب المنير بأنه: "رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ". ينظر شرح الكوكب المنير (462). [4] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 45، الدر المختار 2/ 342. [5] سورة الكهف 29. [6] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 45. [7] تقدم تخريجه (ص 348).