أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل شيئًا على الإسلام إلا أعطاه، قال: فأتاه رجل فسأله فأمر له بشياه كثيرة بين جبلين من شياه الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة [1].
وفي تفسير ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] [2]. قال: وهم قوم كانوا يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أسلموا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَرْضَخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقات فأصابوا منها خيرا قالوا: هذا دِين صالح! وإن كان غير ذلك عابوه وتركوه [3].
كما أن بعض النصوص كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أعطي قريشًا أتألفهم؛ لأنهم حديث عهد بجاهلية" [4] لم يقيد بما يدل على مصدر العطاء، فيبقى محتملًا لكونه من الزكاة أو من غيرها، ويتقوى كونه من الزكاة بعموم النص في آية الصدقات، وهو من أظهر النصوص الدالة على ثبوت مشروعية إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة عموما مسلمين أو كفارًا [5].
3 - أن المعنى الذي أعطى من أجله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو تأليف القلوب على [1] رواه مسلم، في كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط فقال لا وكثرة عطائه، برقم: (2312). ورواه أحمد في مسنده برقم: (3/ 107)، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الزكاة - جماع أبواب قسم الصدقات وذكر أهل سهمانها - باب ذكر إعطاء المؤلفة قلوبهم من الصدقة ليسلموا للعطية، برقم: (2371). [2] سورة التوبة (60). [3] تقدم تخريجه (ص 397). [4] رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، كتاب الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه برقم: (2977)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، برقم: (1059)، واللفظ للبخاري. [5] ينظر: المغني 9/ 318.