سبب الخلاف:
اختلافهم في وقت استحقاق أجرة الإجارة، أيكون بالعقد أم بانقضاء مدّة الإجارة واستيفاء المنفعة؟ فمن قال باستحقاقها باستيفاء المنفعة وتمام العمل المتعاقد عليه، قال بابتداء الحول من حين استيفاء المنفعة وانقضاء مدّة الإجارة [1]، ومن قال باستحقاقها بالعقد، فَحَوْلُ زكاته من حين التعاقد قبض أم لم يقبض [2].
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخلاف المذكور إنما هو في حال إطلاق العقد وعدم تقييد الأجرة بوقت معجل أو مؤجل، فأما عند التقييد -كما هو الحال في صناديق الاستثمار- فهم متفقون على أن الاستحقاق معلق بالشرط، [3] وهو الذي تشهد له قواعد الشريعة وأدلتها من مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [4].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون على شروطهم" [5]. [1] ينظر: تبيين الحقائق 5/ 107، فتح القدير 9/ 65، المدونة 3/ 525، الفواكه الدواني 2/ 119. [2] ينظر: أسنى المطالب 2/ 404، الفروع 4/ 426، كشاف القناع 4/ 40. [3] ينظر: المراجع السابقة في المسألة. [4] سورة المائدة (1). [5] رواه أبو داوود في كتاب الأقضية، باب الصلح، برقم: (3120)، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلح، برقم: (1272). وقال: هذا حديث حسن صحيح. رواه الحاكم في مستدركه كتاب البيوع، برقم: (2309، 2310)، (2/ 56، 57)، والدارقطني: كتاب البيوع، برقم: (96) وما بعدها (3/ 27). وعلقه البخاري في صحيحه، كتاب الإجارة، باب السمسرة. وابن أبي شيبة في كتاب البيوع، باب من يقول المسلمون على شروطهم، برقم: (22022) وما بعدها (4/ 450) وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 55: حديث: "المؤمنون عند شروطهم" رواه أبو داود، والحاكم من حديث الوليد ابن رباح، عن أبي هريرة، وضعفه ابن حزم، وعبد الحق، وحسنه الترمذي، ورواه الترمذي، والحاكم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده، وزاد: =