استدل أصحاب القول الثاني: بأن الأصل لرب المال، والربح نماء ماله، فوجبت الزكاة عليه [1].
ونوقش: بأن حصة المضارب له، وليست ملكًا لرب المال، بدليل أن للمضارب المطالبة بها، ولو أراد رب المال دفع حصته إليه من غير هذا المال، لم يلزمه قبوله [2].
استدل أصحاب القول الثالث: بأن ملك المضارب غير تام لاحتمال نقصان قيمة الأصل أو خسرانه فيه، والربح وقاية للأصل، ولهذا منع من الاختصاص به، والتصرف فيه لحق نفسه كمال المكاتب، فثبت أن ملكه إنما يكون بعد قسمة المال وحولان حول عليه [3].
الترجيح:
يترجح مما تقدم القول الثالث، وهو عدم إيجاب الزكاة على العامل إلا بعد استحقاقه لنصيبه، ويكون ذلك بعد القسمة [4]، وحولان حول عليه إن كان نصابًا، [1] المجموع 6/ 31. [2] المغني 4/ 260. [3] المغني 4/ 260، وكشاف القناع 3/ 520. [4] والقول بأن ملك العامل لنصيبه من الربح يكون بالقسمة هو مشهور مذهب المالكية، والأظهر عند الشافعية ورواية عند الحنابلة، وقد استدلوا على ذلك بأدلة منها:
أ - أنه لو ملكه لاختص بربحه، ولوجب أن يكون شريكًا لرب المال كشريكي العنان.
ب - أن من يستحق العمل بالعوض لا يملكه إلا بعد الفراغ من العمل والتسليم، يدل على ذلك أنه لو قال: إذا خطت هذا الثوب فلك دينار، فإنا قد أجمعنا أنه لا يستحق الدينار إلا بعد الفراغ والتسليم.
ج - أن القراض عقد جائز ولا ضابط للعمل فيه، فلا يملك العوض إلا بتمام العمل كالجعالة.
د - أن تأخير تملك الربح لأجل أن يكون وقاية لرأس المال قبل القسمة.=